الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فيما لا يفيد

15 أغسطس 2017 02:35
دخل رجل على هارون الرشيد، فقال: «إني أستطيع أن أقوم بعمل يعجز عنه الخلق، فقال له الرشيد: هات ما عندك، فأخرج علبة مليئة بالإبر، فغرس إحداها في الأرض، ثم أخذ يرميها بسائر الإبر، بحيث أن كل إبرة تشتبك بثقب الإبرة السابقة، ولما انتهى من رمي الإبر، وقف الرجل مزهواً بعمله، منتظراً الجائزة، فأمر الرشيد بإعطائه مائة دينار وجلده مائة جلدة، ولما سئل الرشيد عن سبب هذا التصرف قال: أعطيته مائة دينار مكافأة على حذقه ومهارته، وأمرت بجلده مائة جلده لأنه يستغل مهارته فيما لا يفيد».. هذه الحكاية ذكرتني بحكاية شخص في زمننا هذا كتب كتاباً أخذ منه وقتاً وجهداً كبيرين، فهل أنتج لنا كتاباً عن بناء المنازل في أسبوع أو كيفية علاج السرطان أو كيف تطور من أدائك الوظيفي؟ لقد اجتهد في طباعة كتاب عن «تحريم كرة القدم» لماذا؟ لأن الحكم في المباراة لا يحكم بما أمر الله، كذلك قوانين اللعبة ليست مستقاة من القرآن الكريم والسنة، بالإضافة إلى أن لعب كرة القدم فيه تشبه باليهود والنصارى ولا يجوز التشبه بهم «طيب اليهود والنصارى يستخدمون السيارة والكومبيوتر ويسافرون بالطائرة فلماذا تتشبه بهم؟ وسافر بالجمل وتواصل مع أصحابك بالحمام الزاجل»، ويشرح هذا المؤلف أن الكتاب أخذ منه وقتاً طويلاً من البحث والدراسة، وفي رأيي أن هذا الأخ فعل فعل صاحب الإبر نفسه، فضيع جهده فيما لا يفيد، وللأسف من هنا يأتي الهجوم على بعض علماء ديننا بأنهم بعيدون ولا يتعاطون مع واقع عصرنا ولا يتفهمون تفكير الجيل الجديد من الشباب، فكم من شخص مثل صاحبنا يضيع جهده فيما لا يفيد، فهل اجتهد مثلاً في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأفريقية فتعم الفائدة والأجر؟ وحول هذه الترجمة إلى برنامج إلكتروني على الهواتف ليستفيد منها ملايين الناس؟ يا أخي لماذا لم تترجم لنا المواد المكتوبة بالإنجليزية على علب العصائر لنعلم ما نشرب من بلاوي أو تبسط لنا دليل كتاب سيارة «الهايلوكس» تويوتا مثلاً لنستخدمه عند التعطل؟ للأسف هؤلاء لا ينظرون إلا تحت أرجلهم، فيا ليتهم جلدوه مثل ما فعل هارون الرشيد بسبب تضييع جهده فيما لا يفيد، فهو كما قيل «علم لا ينفع.. وجهل لا يضر».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©