الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

النخلة وأخلاق الكبار

النخلة وأخلاق الكبار
12 أغسطس 2017 23:50
لقد جعل الله تعالى لنا في ما خلق حكماً وعبراً؛ تدلنا على قيم الخير وتهدينا في سلوكنا لانتهاج أحسن السبل وأقومها، وفي النخلة عبرٌ لمن تأمل ونظر، فهي رمز للصبر والحلم والعطاء، رمز للأصالة بجذورها الأصيلة وفروعها الممتدة، صفاتها حسنة فهي لا تؤذي الناس رغم سموها وعظمها وثبات طولها، فنفعها دائم تعطي ولا تحقد تُقطف ثمرتها فتؤكل، تُرمى بالحجارة فترد بالرطب فتقابل السيئ بالحسن. كل صفة من صفات هذه الشجرة درس في الأخلاق والقيم، ولهذا كان للعربي الأصيل علاقة بها تأثيراً وتأثراً؛ فهي عنوان الطيب ورمز التفاني في الصحراء القاحلة. وكان هذا المعنى حاضراً في أدب العرب وشعرهم حتى قال شاعرهم: كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً بالطوب يرمى فيلقي أطيب الثمر وهذه الشيم الممدوحة هي صفة مطلوبة في كل مؤمن ومؤمنة، فقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم هذه الشجرة بالمؤمن، ففي الحديث: «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المؤمن. حدثوني ما هي؟ قال: فوقع الناس في شجر البوادي. قال عبدالله: فوقع في نفسي أنها النخلة، ثم قالوا حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: هي النخلة». فما أحرانا أن نرجع إلى هذا التشبيه البليغ ونأخذ من شجرة النخلة بعض الدروس والعبر، وأول تلك الدروس وأهمها ما يتعرض له المخلصون لأوطانهم والمنافحون عنها من رجال العلم والسياسة من هجوم حاقد لا صحة له، فالصغار يتطاولون على هذه القامات على مدى التاريخ ويرمونها بكل منقصة زوراً وبهتاناً، حَسَداً مِنْ عِنْدُِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ فضلهم وإحسانهم، كما يرمي الطفل تلك النخلة الشاهقة الباسقة، فيحاول إضرارها ولكن تعطيه ثمارها، يهاجمونهم بعظائم الأمور ويستهزئون بهم، وإن التاريخ ليعيد نفسه، وما أشبه الليلة بالبارحة، ففي مسيرة التطاول والاستهزاء عرف الإنسان صنوفاً من هذا الخلق السيئ، وأشد أنواع هذا التطاول جرماً ما سطره القرآن الكريم من تطاول بعض الناس على ذات الله العلية، وتستمر مسيرة التطاول حتى تطال أنبياء الله تعالى ورسله، وخلص عباده وأتقيائه، فلم يسلموا من الافتراء عليهم، أو الاستهزاء بهم. ولا بد كذلك أن ينطق المرء بالحق الذي يعرفه، ويدافع عن الذين آمنوا، ويبرئ ساحتهم مما يقوله المفترون عنهم، فقد دافع الله عن أنبيائه، ودافع النبي صلى الله عليه وسلم عن صحابته، وحثنا أن ننطق بالحق. وأرى من واجبي أن أتحدث ولو وجيزاً عن شخصية وطنية، بل هو قيادة عظيمة مَنَّ الله بها علينا في دولة الإمارات العربية المتحدة هو مفخرة للعرب قاطبة، وأمل شبابنا ومحط آمالهم، إنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة - حفظه الله ورعاه - أدوّن في هذه الأسطر القليلة مقالة صدق، وشهادة حق في هذا الرجل العظيم، الذي يتميز بصفات عظيمة نادرة، فما شاهدته فيه لم أشاهده في غيره، فهو سليل ذوي المجد، رفيعي المكانة، وابن شيخ العرب وحكيمها، وأُدلي بهذه الشهادة لأنني عشت معه في مختلف مراحل حياته منذ الطفولة إلى يومنا هذا، فقد تربينا معاً في بيته وأسرته، وتعلمنا سويّاً في المدارس النظامية، وكنت معه لاحقاً في المدرسة العسكرية، وكنت له رفيقاً في السفر والحضر، وتشرفت بالعمل معه في مناصب عديدة، كان من أهمها رئاسة الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في هذه الدولة المباركة، وعرفت في تلك الحقبة من حرصه على ترسيخ قيم الدين الحنيف وسماحته واعتداله ورقيه الشيء الكبير. إنه شخصية كريمة قل مثيلها وعز نظيرها، جمع الله له صفات عظيمة وأخلاقاً نبيلة وعقلية فذّة ووطنية أصيلة وثقافة رصينة وشجاعة متزنة، وأبناء هذا الوطن الغالي وإخواننا من الخليجيين يدركون جيداً من هو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، فهو الشخص القريب لهم العزيز على قلوبهم، ويعرفون جيداً ما حققه لهذا الوطن وما قدمه للدول الخليجية والشقيقة، ويدركون تمام الإدراك أنه ابن حكيم العرب وتربيته، ويدركون البيئة التي نشأ فيها سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، إنها بيئة المحبَّة والسلام والصفاء والعطاء والأمن والاستقرار، إنها بيئة الإمارات. فصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مدرسة في الشهامة والأخلاق والقيم الأصيلة توارثها عن آبائه وأجداده، فكيف يقال فيه غير ذلك؟ سموه يبذل الغالي والنفيس لتعيش المنطقة العربية في أمن وأمان ورغد العيش، وأياديه البيضاء على الشعوب العربية تتحدّث، فكيف يظن فيه غير ذلك؟ وهمه الأول تكريم هذا الإنسان وتطويره، والمحافظة عليه، ويبذل لتحقيق ذلك كل مساعيه فلماذا يروج بعض الحاقدين غير ذلك؟ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يجب أن يمتن له كل مؤمن ومسلم على جهوده في خدمة دينه، فله الفضل بعد الله تعالى في تعليم أبناء المسلمين القرآن الكريم في وطنه وخارجه، وهو من قام بطباعة ملايين المصاحف وتوزيعها على مستوى العالم، وهو من أنشأ آلاف المساجد التي تتوافر فيها مواصفات حضارية لا يوجد لها مثيل إلا على أرض هذه الدولة المباركة، وهو من أبدع على أرض دولته أول مركز للإفتاء الرسمي في العالم الذي أضحى مركزاً عالمياً للوسطية والتسامح ويقصده العالم اليوم لأخذ قبس من تجربته الفذة والثرية، وهو من أرسى دعائم الخطاب الديني المعتدل في الشؤون الإسلامية، وهو من أسهم في تعزيز مسيرة السلم والسلام على وجه هذه البسيطة، فدعم المؤسسات العريقة في العالم الإسلامي، وخير شاهد على ذلك دعم الإمارات للأزهر. وتعداد أعمال الشيخ ومآثر سموه لا تحصيها الصفحات وتتعب في تدوينها الأقلام ويكفينا ألسنة الصادقين حجة عند رب العالمين. فالادعاءات الكاذبة والاتهامات المضللة ولغة السب والشتم والقذف يحسنها المفلسون ومن في قلبه غل على أوطانهم ودينهم، وهذا ديدنهم الافتراء على الصادقين المخلصين. أما صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، فقد علمنا وعلم من تخرج في مدرسته من أبنائه ومحبيه من أبناء هذا الشعب، لغة العقل والحكمة، علمنا الصدق والإخلاص والمحبة، علمنا التسامح والإخاء والإعراض عن الجاهلين. تلك هي أخلاق المؤمنين وصفات النخلة تلقي عليك ما لذّ وطاب من الرطب والتمور لمن يرميها، فطيب الحديث لغتنا، والمحبة صفتنا، والتسامح سجيتنا، هكذا علمنا شيوخنا وعلمتنا ثقافة وطننا، ولا عزاء للمفلسين، فشعب الإمارات مهما حاولوا أن يعكروا صفو تلاحمهم مع قيادتهم، ورموهم في صميم وطنيتهم، فإنهم سيظهرون للآخرين سمعة طيبة، ولن نرى منهم إلا مواقف مجيدة وكريمة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©