- ليلة الأمس جاءت ريحها بأخبار حزن ونعي، وثمة ضيق مثقل بالكآبة، ولون الرماد، فقد ودعت الإمارات أربعة من شهداء الواجب، ونداء الوطن أثناء تأدية عملهم على أرض اليمن الشقيق الذي نتمنى له العافية والاستقرار، ووداع الفقر والجهل والفساد، وما ابتلي به من حكم العسكر، وحكم الأحزاب شبه المنتمية، بعيداً عن إدارة الشعب نفسه بنفسه، وترسيخ حكومة الوحدة الوطنية، بمفهوم حضارة الأرض العريقة، وكرامة الإنسان اليمني الأصيل. كما ودعت الكويت ودوّل الخليج والوطن العربي فناناً أصيلاً، ونجماً كبيراً، هو «عبد الحسين عبد الرضا» الذي رحل وأبقى شيئاً من بسمته فينا، رحل بقلب مثقل ومتعب بعد أن أضحك قلوبنا، وأدخل عليها المسرة لسنوات طوال امتدت لستين عاماً، أتذكره لأول مرة، حينما كان تلفزيون البيت بالأبيض والأسود، وكان يقدم لنا السباعيات والمسلسلات ثم المسرحيات، كان يضحك الكبير والصغير، والمرأة والرجل حتى غدا كواحد من أفراد البيت، ننتظر ما يقدم، وما يمكن أن يخبئ من ضحكات مواقف وارتجالات، ولما تلون التلفزيون، أصبحت تجربة عبد الحسين عبدالرضا أكثر نضجاً، لكن ظل مخلصاً للونه الفني، فقد عاش مع نخبة فنية أنجبتها الكويت، ولن تتكرر، مثل خالد النفيسي، وغانم الصالح، وسعد الفرج وسعاد العبد الله اللذين شكلا ثنائياً استثنائياً مع عبد الحسين عبد الرضا، بعد ما انفصل عن الفنان «محمد الجابر» والفنان «عبد العزيز النمش» كأول ثنائي عمل معه، لكن النقلة الفنية التي أحدثها في المسرح، حينما قدم مسرحيات في غاية الروعة كتابة وأداء، اليوم تعد من الكلاسيكيات المسرحية في مسيرته الفنية، مثل: مسرحية «بني صامت» و«سوق المناخ» الذي كان الفنان أحد ضحاياه، ومسرحية «باي.. باي لندن» و«سيف العرب»، بعدها عاد «أبو عدنان» للتلفزيون، وقدم مسلسلات مهمة، ولعل آخر دور شاهدته له في المسلسل الرمضاني «سلفي» مع الفنان السعودي «ناصر القصبي» على مدار حلقتين، حيث قدم شخصية مريض بالقلب، ويشتري له قلب إنسان آخر، ليعيش، لكن حياته تنقلب بسبب ابن صاحب القلب المتبرع، فيقرر أن يرجع لقلبه العليل الذي في الحياة الواقعية كان متعباً على الدوام، خاصة في الفترات الأخيرة، كل العزاء للكويت، ولدول الخليج وللوطن العربي، حيث عشاقه ومحبيه في كل مكان، فطالما كان مبعث فرح وضحكة وابتسامة غائبة، وعزاء لصديقه الوفي «د. نجم عبد الكريم» الذي رافقه ما يزيد على الستين عاماً، لروح «أبو عدنان» الطمأنينة، والسكينة، ولأهله وأناسه بالغ المواساة، فمثله لا يجود بهم الزمن كثيراً، وفراقه يخلق هلعاً وحزناً ثقيلاً، وكأن الضحكة غابت معه أو كأن مسرّة القلب ينقصها شيء لا تدري ما هو، وذلك سر «أيقونة» الفن الكويتي «عبد الحسين عبد الرضا» الذي كان يشبه نفسه في الحياة، وفي الفن.