الحركة الشعرية الجديدة في الإمارات، التي أسست لتيار الحداثة منذ نحو 40 سنة، وقدمت أسماء شابة جديدة وضعت اسم دولة الإمارات في صميم الحركة الشعرية العربية منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي وحتى الآن. ورسخت لتجربة في الكتابة اعتبرها الكثير من النقاد متفردة في هواجسها وانشغالاتها الفنية والأدبية. هذه الحركة، واجهت كما يقول الشاعر عبدالعزيز جاسم، في حواره مع جريدة «الحياة» مؤخراً، الكثير من التيارات الرجعية، وعانت من التهميش، وأحياناً من التكفير، وبالأخص من تنظيم الإخوان المسلمين ومن يدورون في فلكه من الرجعيين الذين اعتبروا التجديد في النص من المحرّمات. وكانوا ينظرون إلى ثورة الحداثة باعتبارها مروقاً وخروجاً على المنهجية السلفية الكلاسيكة. وكانت هذه المواجهة بين الشعراء، وبين من يمثلون «فكر» الإخوان المسلمين، تتم عبر أشكال متعددة أبرزها الإقصاء العلني للشعراء الجدد من جميع المشاركات والمهرجانات والمحافل الأدبية الخارجية. وهناك قائمة طويلة من الأسماء الشعرية المهمة عربياً من الإماراتيين الذين أصابهم هذا الإقصاء. لكن، كما يقول عبدالعزيز جاسم، ظل جيل الشعراء هذا يتمسك بفكرة التجديد في الطرح والتناول والمعالجة الشعرية، وذهب لاجتراح نصوصه من غير تخاذل أو انكسار أو تراجع في فعل المغامرة. وأمام تطور مجتمع الإمارات السريع وانفتاح الدولة على العالم، رسخ الشاعر الإماراتي مكانته عربياً وحتى عالمياً بجهود فردية أحياناً. وبدعم من مؤسسات ثقافية إماراتية كان يديرها متنورون. بينما ظلت مؤسسات أخرى كثيرة تحارب هذا الجيل بسبب الفكر الرجعي لمن يديرون الثقافة فيها. اليوم، تتهشم الأقنعة الواهية لجماعة الإخوان المسلمين وفكرهم الضال، وفي المقبل من الأيام ربما يجد كثيرون أنفسهم بأنهم، بانحيازهم إلى الفكر الرجعي في النظر إلى الشعر تحديداً، وبوقوفهم ضد الانفتاح والتطور في الفكر والآداب، إنما يعكسون صورة أخرى طبق الأصل لعقلية الإخوان المسلمين من غير أن يشعروا، ذلك لأن القيم التي رسخها تنظيم الإخوان كانت في مجملها ضد الجمال والتطور والحرية والحب، وعلى النقيض كانت هذه القيم، هي الركائز التي تأسس عليها فكر الحداثة الشعرية عربياً وإماراتياً. إعادة قراءة التجربة الشعرية في الإمارات ومراجعة حيثياتها من جديد تحتاج بالتأكيد إلى دراسة مطولة تفكك طبيعة الممارسات التي وقفت في وجه التجديد الشعري في الإمارات، ويجب أن تبحث أيضاً عن الممارسات التي لا يزال يمارسها آخرون من غير دراية كي نصل في النهاية إلى جِذر الرجعية ومن ثم اقتلاعه. Adel.Khouzam@alIttihad.ae