الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصمت في زمن الثرثرة

23 يوليو 2017 00:58
أحياناً نختار الصمت ونفضله على أي شيء آخر، ليس لأننا جبناء ولا لخوفنا من ردة فعل الطرف الآخر. ولكن لأننا وجدنا في صمتنا ملاذاً لم نجده بين ألف كلمة. ففي الصمت قوة وهيبة، فن لا يتقنه إلا القليل، لذلك لطالما عرفنا «إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب». أما الكلام فالكل يتقنه صغيراً كان أو كبيراً، عاقلاً أو غير عاقل. الكل يتكلم والقليل يعي ما يقول، ونادراً ما نرى من يطبق ما يقوله. يتكلمون لمجرد الرغبة في الحديث فقط، يحركون أفواههم على عجل وكأنهم خائفون من أن تهرب الكلمات منهم. أو ينسوا ما قد حفظوا عن غيب من عبارات وجمل، فتراهم يتحدثون إليك إلى أن تفقد حاسة التركيز مع كلامهم وتضيع بين الجمل فبدلاً من أن تخرج من عندهم حاملاً درساً جديداً أو حكمة مستفادة. تخرج حاملاً لصداع من نوع جديد، ألم في رأسك بسبب كلماتهم المبهمة وحديثهم المبهرج الذي يجعلك في حيرة شديدة. حيرة تجعلك تتوق إلى دراسة كيف تعمل عقولهم، تتساءل هل حقاً عقولهم فارغة مثل الطبل يصدر الكثير من الأصوات وهو فارغ تماماً من الداخل. أم هل هم يستخدمون أحاديثهم كقناع لإخفاء آلامهم وأحزانهم، أو من الممكن أن تكون مجرد طريقة لإثبات ذاتهم يجعلونها كمنبه الساعة بين الحين والآخر ليذكروا من حولهم بأنهم على موعد مع أحاديثهم المسلية والمفيدة بنظرهم. وتراهم مؤمنين إيماناً كاملاً بأن وقع الكلمة على مسامع الآخرين حتى وإن كانت لا تناسب حديثهم أهم مما تحمله من معنى. ولا عجب في ذلك فنحن في زمن المظاهر التي أصبحت تحرك مشاعر الناس وتسيرهم، أما المضمون فليس بالشيء المهم. نتسابق للفت أنظار الآخرين، نغذي مظهرنا بكل ما هو جديد وباهر بينما نترك عقولنا تتضور جوعاً. وبعد مرور الوقت نصاب بخيبة الأمل عندما نرى أننا قد ضعنا من أنفسنا. نتساءل من نحن؟ ماذا نريد؟ وما هي أهدافنا؟ نسقط في دوامة الكلمات والتساؤلات، وتعصف بنا أذهاننا متلهفة للحصول على أجوبة وأخيراً نختار أن نخرس أفواهنا وعقولنا، لنغرق في بحور الصمت والكتمان إلى أن يجعل الله من كل ضيق مخرجاً. أمل عبدالله الجنيبي – أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©