في قصة تداولتها كثيراً مواقع التواصل الاجتماعي حول القدرة العالية للوهم والتخيل لدرجة قتل الإنسان، قام أحد الباحثين بتوظيف مجموعة من المحكوم عليهم بالإعدام في تجاربه العلمية المثيرة بالتنسيق مع السلطات في بلاده؛ وفي إحدى تلك التجارب تم إيهام أحد هؤلاء المجرمين بأن حكم الإعدام سينفذ فيه بتصفية دمه. وبعد أن عُصبت عينيه، تم تركيب إبرة في ذراعه موصولة بأنبوب ينتهي صوب مرفقه يقطر ماء دافئاً على يده، ليسقط بعد ذلك إلى دلو يسمع خلاله صوت سقوط قطرات الدم -حسب اعتقاد الخاضع للتجربة- وما حدث أنه وبعد فترة بدأ الشحوب والأصفرار يغلب على وجه المجرم، الذي مات بالفعل دون سقوط قطرة دم واحدة منه! لا أعرف مدى حقيقة تلك التجربة أو «القصة المحبوكة»، ولكني متأكد من تجربة أخرى نشرت عام 2010 قام بها باحث لدى «كلية هارفرد الطبية» الأميركية بالتعاون مع فريقه بإعطاء «دواء وهمي» لمجموعة من المصابين بمتلازمة القولون العصبي المتهيج، وقد تناول المرضى الدواء باعتباره ناجعاً، وبعد مضي 21 يوماً على تناول الدواء أكد المصابون أنهم شعروا بتحسّن كبير مقارنةً مع الناس الذين لم يحصلوا على أي دواء! هناك عشرات التجارب المؤكدة فعلًا لتأثير الوهم والتخيل في التأثير الإيجابي -كما السلبي- في الصحة الجسدية لذلك الشخص القادر على التخيل والتحليق بوهمه حد الاعتقاد والقناعة والإيمان! ظل هذا النوع من التغييرات التي تطرأ على جسد الإنسان طويلًا محل استخفاف واستنكار العلماء، إلى أن بينت أجهزة المسح الطريقة التي يعمل بها العلاج الحقيقي المؤثر على مكمن الألم بأي عضو في الإنسان. فعندما يبدأ العلاج في التأثير على منطقة الألم التي ترسل إشارات إلى النخاع الشوكي ثم إلى الدماغ الذي يصنفها إحساسا بالتشافي؛ في حين كانت حركة إشارات العلاج الوهمي بطريقة عمله معاكسة تماماً، إذ تبدأ من الدماغ نفسه الذي يرسل إشارات عبر النخاع الشوكي ومنها إلى منطقة الألم، وفي أثناء رحلته تلك يحرك جملة من الأدوية كالإندورفينات في الجسم نفسه إلى موقع الألم فيعالجه فعلًا ليتحول التخيل إلى حقيقة. في أجسادنا صيدليات سحرية تحركها قناعاتنا واعتقاداتنا القوية، وكلما قويت اقتربنا أكثر ناحية الكثير من أهدافنا، سواء في التشافي أو الإنجاز أو تخطي الصعاب التي نواجهها وكنا نعتقدها عصية لا يمكن تجاوزها.. هذا كله وأكثر يمكن أن يحدث بأمر الوهم!