يعضُّ الغافل يده بعد فوات الأوان، ويغادرُ وحيداً ومنحنياً ومكسوراً ومطروداً من حفلة الشجعان، وهو الذي كلما ناديته ليصغي لصوت العقل، وكلما لوحت له بضوء الحكمة كي تهتدي خُطاه إلى الصواب، تراهُ ينفرُ متمادياً في خبط عشواء. ونحن نناديه: يا شقيق المكان. من أغواك كي تطعن في المحبين وتخون أهلك كلهم؟ من الذي رمى في قلبك رماد الضغينة حتى أعماك عن الطريق؟ كيف لجأت وحدك لتحتمي بالذئاب وليس في شريعتهم سوى النهش الذي سيقودك للنعش؟ ومن قال لك إن الغريب والبعيد أوفى لك من أبناء لحمتك وجلدك؟ عد لرشدك قبل اتساع الكارثة وارتفاع الطوفان عليك، اطرد الدجّال واقطع لسان السمّ ما دامت اللحظة تسنحُ، وستجدنا أهل عفوٍ كما عهدتنا، نجنحُ للسلام وتفيض قلوبنا بالمحبة ونمد أيدينا للتسامح كي يعمّ النور ويندحر الظلام. وإذا جئتنا صادقاً، لن نرتضي لك إلا الكرامة بيننا أخاً وشريكاً في الوحدة والتراب والمصير. نحنُ لا نطالبك بالانحناء إلا للوردة، ولا نريد منك الخضوع إلا للمحبة، ولا نناشدك الامتثال إلا للاستقامة كي لا تزلّ رجلك أكثر في الجرفِ العميق. ونحن لا نزال نراك في خطر يا شقيقنا في قطر. كم تغاضينا ونحن نراك تلهو وتعبث مع العقارب والأفاعي الحاقدة حتى انتشر فحيحها في المكان. وكنت أنتَ أوّل الملدوغين بناب الخونة عندما تسلقوا منابرك البريئة ولوثوها بفتاوى القتل والترويع والفوضى. وكنت أنت أوّل المطعونين علناً في معناك عندما ألبسوك قناع الغدر وأطلقوك وحدك كي تطعن ذاتك وتتنكّر للعروبة وهي أمّك، وتخدش صفو أشقائك الكبار، وكنت تخرج عن الصف، ونحن نُعيدك في كل مرةٍ كي لا يأكل مجدك الغرق، لكنك تماديت أبعد من حدود الالتزام، ورأيناك بأم العين وأنت تتلذذ بمصافحة الشيطان وتهلّلُ مبتسماً في العلن كلما سقط الأطفالُ في فم الموت، وكلما ارتفعت النار وانتشر الخراب بين الآمنين. والمصيبة أنّك صدقت أشباح الظلام هؤلاء وصرت تغذيهم من عرق الأرض الطيبة وهم لا يُشبعهم إلا شرب المزيد من دم الأبرياء. وإذا كنّا نخاصمك اليوم، وإذا كنّا لا نريد مصافحتك، فلأن يدك لا تزال تحمل السكين، وإذا رأيتنا نفارقك اليوم، فهذا لأننا نذهب كلنا باتجاه الوضوح، بينما أنت تصرُّ وتعاند وحدك على البقاء منبوذاً في خندق الشر. Adel.Khouzam@alIttihad.ae