عندما تضطرك الظروف لمتابعة بعض الفضائيات العربية لا يتطلب الأمر منك كثير جهد لاكتشاف سطحية وضحالة بعض المذيعات اللائي يطللن علينا من خلالها في برامج أو نشرات إخبارية تتطلب الاستماع لمداخلات ضيوف سواء من الاستديو أو خارجه. فتجدها كالببغاء تردد ما يمليه عليها المعد، ومن دونه، وشاشة العرض التي أمامها تكون كالتائهة بكل معنى الكلمة. تبرز الصورة أكثر عندما يكون البرنامج على الهواء، حيث تظهر القدرات والإمكانات التي تعبر عن مرحلة الإعلام التجاري الذي انتشر مع المحطات الخاصة، و انتقلت عدواه للقنوات الرسمية، حيث التركيز على صورة المذيعة ودرجة جمال وجهها وقوامها، ودخلت على الخط محال الأزياء لتجعل من المذيعة «عارضة» للأزياء. والمسألة تجارية بحتة، بعيداً عن أي ذوق أو احترام للمشاهد أو حتى الضيف الذي جرى استقدامه على طريقة شهود الغفلة في المحاكم، حيث المقاطعة مستمرة وسؤال المذيعة أو مقدمة البرنامج أطول من إجابة الضيف!!. ليلة رأس السنة، أطلت علينا مذيعة اعتقدت للوهلة الأولى أنها كائن فضائي جراء تصميم الزي الذي كانت ترتديه، وهي تردد الكلمات ذاتها عن المناسبة، زي غريب لا يحمل سوى دعوة واحدة لأن يقف المسؤولون عن هذه المحطات وقفة مراجعة لما يجري، والذي يدخل في نطاق إفساد الذوق العام، بعد أن تُرك الحبل على الغارب لدور الأزياء وأصحاب «البوتيكات» لعرض ما يريدون من خلال المذيعات اللاتي تحولن إلى دُمى متحركة. أما زميلتها في محطة أخرى فكانت ترتدي فستاناً متدني الذوق والمظهر لا يصلح حتى للسهرات الصاخبة في المناسبة لا الظهور في قناة تحترم مشاهديها. تحرك جهاز التحكم أو «الريموت كنترول» باتجاه محطات عالمية فتجد الرزانة والجمال والوقار والبساطة من دون هذا التكلف والتصنع الذي تتميز به المذيعات الدُمى. فتدرك سر عدم ظهور مذيعات في عالمنا العربي من أمثال كريستين أمانبور أو أوبرا وينفري، لأن التركيز على الجوهر مفقود في رحلة التيه مع منظري مدرسة الإعلام تجارة وليس رسالة!. صورتان طرحتهما تجددان أمامنا مسألة احترام الذوق العام في مظهر من يدخلون بيوتنا من دون استئذان، وهذا أبسط شيء بعدما يئسنا من الارتقاء بجوهر ما يقدم لنا، فالمسألة ليست مجرد وجه جميل يطل هنا أو هناك، فشيء من الثقافة والاحترام يزيد الجمال جمالاً.