الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الأندية بقيمها

12 يوليو 2017 20:16
تقفز الأرقام المالية إلى مستويات قياسية فنسمع بموازنات تنطق من بهم صمم، تنبعث من براكين البطولات الكثير من الشهب في صورة ألقاب تتعدد معها الاحتفاليات، وتتطاير الحكايات حول لاعبين أسطوريين يأتون ويرحلون، وأبداً لا يكفي هذا كله لكي نقول إن هذا النادي يأتينا في صورة مؤسسة أو مقاولة متعددة الجنسيات أو بعبارة مختزلة هو نادٍ كوني. هناك شيء ثمين لا يرى بالعين المجردة، ولا يستطيع أن يعرف كنهه إلا الباحثون الذين يتخصصون في رصد ودراسة الظواهر الإنسانية العميقة، ذاك الشيء هو القيم التي يؤسس عليها النادي ليصبح معشوق الجماهير والملايين من حول العالم، ومتى قام أي نادٍ رياضي على قيم إنسانية هي من طبيعة تاريخه الموغل في القدم، متى تجذر هذا النادي في الوجدان الشعبي، ومتى أصبح العشق أكبر بكثير من تيجان توضع على الرؤوس أو نجمات تثبت على الصدور في صورة ألقاب. قرأت مستمتعاً مقاربة سوسيولوجية لطبيعة السحر الذي يمارسه اليوم ريال مدريد على الملايين حول العالم، ليكون بالفعل النادي الجذاب والمعشوق لحد الإصابة بالجنون، ووجدت أن تركيز الكاتب السوسيولوجي الذي أجاد فعلاً سبر الأغوار المدريدية ليصل إلى سر هذه الجاذبية التي يمارسها الفريق الملكي، كان على النواحي القيمية والجمالية التي قام عليها ريال مدريد، وما زال يقاتل من أجل ترسيخها في منظومة العمل اليومي بكل أبعاده الاقتصادية والرياضية. لا خلاف على أن بيريز الرئيس الحالي لريال مدريد نجح بفضل دهاء لا يجارى في كتابة الزمن الجلاكتيكي للملكي، عندما كرس ما يملك من براعة في التدبير لجلب أساطير كرة القدم، ولكنه ما ابتعد أبداً عن المبادئ الجوهرية التي يتأسس عليها فكر ريال مدريد، حاضره قبل ماضيه، القيم الرفيعة التي هي لغة مشتركة بين كل من يعشق الريال، والتي تفوق من حيث الأثر الألقاب التي يتحصل عليها الملكي إسبانيا وأوربيا وعالمياً. إن كل أسطورة يؤتى بها إلى ريال مدريد، لا يبحث بالأساس عن الأموال التي سيجنيها الفريق من تسويقها، ولكن الغاية الإنسانية هي أن يشعر شعب ريال مدريد أن لا شيء مستحيلاً عليه، وأن العبق التاريخي والارتباط الوثيق بالقيم هو ما يشد هذه الأساطير لأن تأتي إلى ريال مدريد لتكتب أجمل صفحة في ملاحمها الكروية، فتشعر أن مع التفاوت في العائد المادي بينها، هناك ما يساوي بينها ويجعلها مثل أسنان المشط، هو إسعاد جماهير ريال مدريد التي تفرقها الجنسيات ويجمعها الانتماء.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©