نولي وجهنا، ونحن في شهر الابتكار الإماراتي الذي يصادف فبراير من كل عام، إلى الثقافة. فهي أسُ هذا المفهوم وتربته الخصبة، والبيئة التي يمكن لها أن تخلق جيلاً مبدعاً ومبتكراً في جميع المجالات. وإذا كانت الثقافة في بلدٍ بخير، فإن مخرجاتها لابد أن تكون كبيرة، حيث دم الابتكار يسري في عروق أبنائها، وتجنحُ عقولهم إلى تخطي العادي والمكرر وابتداع الجديد دائماً. وأن تقام خلوة مستقبل الثقافة في الإمارات في هذا الشهر، فهي بحد ذاتها فكرة مبتكرة، ومخرجاتها الكثيرة تصب في نهر الابتكار وتعزيز مجراه وتنويع تفريعاته لكي يروي جميع الحقول المعرفية. وأن يقام هذا الحدث في متحف اللوفر أبوظبي، فإن هذا المتحف أيضاً هو فكرة مبتكرة تبنتها الإمارات، وأصبح نورها الثقافي يضيء سماء المنطقة، ويشع برسالة حب إلى العالم كله. وكما تعودنا، فإن الإمارات بلد أفعال تسبق الأقوال. وابتكار شهرٍ للابتكار، إنما هو فعل يذهب إلى صيانة الجذر المعرفي الذي تأسست عليه الدولة. حيث الطموح بتجاوز المستحيل أصبح العجلة التي تجر قاطرة الوطن. وما نراه، وما نسمع عن تحقيقه من منجزات للدولة كل يوم، إنما هو أحد ثمرات هذا التفكير الذي يرغب في الوصول إلى أعلى المراتب دائماً، والبقاء في مقدمتها، بطرق مبتكرة في التغلب على عوائق الزمن، وقد رأينا ذلك في برامج مسرعات المستقبل التي تبنتها الحكومة. وكذلك في التغلب على أطر المكان، حيث أصبحت الأفعال الإماراتية تتخطى الحواجز الجغرافية، ويمتد أثرها الثقافي والعلمي إلى عموم المنطقة. نقول أيضاً، إن ثقافة الابتكار أصبحت تتعزز في كل عام، ويمتد رسوخها إلى المناهج الدراسية، حيث تتولى وزارة التربية زرع هذا المفهوم في عقول الطلاب وفي وجدانهم. ويمتد فرع هذه الشجرة إلى أروقة العمل أيضاً، حيث الدوائر والمؤسسات الحكومية تتسابق في تبني ما هو جديد وعدم الركون إلى أساليب العمل التقليدي الممل. ونريد لهذا أن يستمر، وبقوة، لكونه يبشر بثمرات زاهية في الحاضر وفي المستقبل. أروع ما في الأمر، أن الحكومة هي التي تقود مفهوم الابتكار وتتنافس فيه وتسابق الجميع عليه. ونحن نريد من بقية القطاعات الثقافية الأهلية، والجمعيات، والمؤسسات الخاصة، المزيد من الجهد كي تلحق بهذا التنافس، أو على الأقل أن تواكب عجلة السير في ركبه الجميل.