تتسابق المراكز التجارية في مختلف مدن الدولة للترويج لنفسها وتحفيز المحال والمؤسسات العاملة داخلها على تقديم العروض التجارية المغرية والتنزيلات بنسب كبيرة لمعروضاتها لاجتذاب أكبر شريحة ممكنة من جمهور المتسوقين، ولا غبار في ذلك على هذه الممارسة الاقتصادية المتعارف عليها في كل أسواق العالم. شاهدنا خلال الأيام القليلة الماضية تدافع آلاف المتسوقين على عدد من المراكز التجارية الكبيرة في العاصمة وفي دبي التي أعلنت عن تنزيلات قالوا إنها تصل إلى 90 في المائة، وتسبب ذلك التدافع في إغلاق الطرق المؤدية لتلك المراكز، مما يدل في المقام الأول على تعطش جمهور المتسوقين لتنزيلات حقيقية على مشترياتهم، بعد أن فقدت كلمة «تنزيلات» مصداقيتها، ونحن نشاهد على مدار العام لوحة التخفيضات على واجهات محال في تلك المراكز وبنسب تصل إلى 90 بالمائة، ويبدو أن عشق النسبة متأثر إلى حد كبير بنسب الانتخابات في بعض الدول العربية وجمهوريات الموز. كما أن فقدان المصداقية في التنزيلات المعلنة مرده مقارنتها بما يجري في المراكز التجارية في مدن العالم، وبالذات في أوروبا والولايات المتحدة، حيث تجري تنزيلات حقيقية بصورة فصلية لسلع ذات نوعية وجودة عالية، وبنسب تخفيضات عالية. في أسواقنا محال ابتذلت كلمة «تنزيلات» وأضاعت معها أية مصداقية، وبالتالي ثقة المتسوق فيها، وهي تعلن عن تخفيضاتها الوهمية وعروضها على مدار العام لسلع منتهية الصلاحية كتصاميم الملابس أو قاربت الانتهاء بالنسبة للمواد الغذائية. وأصبحت الكلمة عندنا رديف للخداع وفرصة لتصريف المخزون من البضائع. وهذه مهمة البلديات والدوائر الاقتصادية لإعادة الاعتبار للكلمة المستهلكة، فالتجربة السابقة من إلزام المحال المعلنة بوضع الفواتير على واجهاتها لم تنجح في أقناع الناس بمصداقية هذه المحال. أما الجانب الآخر من المسألة فيتعلق بغياب حس الأمن والسلامة والتنظيم لدى العديد من هذه المراكز التجارية التي تعلن عن تنزيلات هائلة من دون أن تولي جانب الأمن والسلامة الاهتمام الذي يستحق، خاصة عند وقوع تدافع للمتسوقين الذين يتجمعون عند بوابات تلك المراكز بانتظار ساعة الصفر لينطلقوا كالجراد المنتشر، خاصة إذا علمنا أن غالبية رجال «السكوريتي» فيها يفتقرون إلى أبجديات التعامل مع الحشود، وإلى الحد الأدنى من الإلمام بقواعد السلامة والإسعافات الأولية، وتنظيم سير المرور عند مداخل تلك المراكز، لتجد شرطة المرور نفسها مضطرة للتدخل لضبط الحركة.