أحياناً تتلون الأجواء حولك بلون الأحداث.. يحدث ذلك مثلاً عندما يلعب المنتخب، فترى كل ما حولك «أبيض»، ويتجسد المنتخب ربما في كل ما يحيط بك، ويحدث أيضاً عندما تصادف الدوري إحدى المحطات الاستثنائية، التي تكون فيها الكرة بلون وطعم ورائحة، فيأتيك صباح بطعم الكرة أو بطعم العنابي الذي أبدع أمام الوصل وتشارك مع الإمبراطور في رسم تفاصيل واحدة من أفضل مباريات دورينا إن لم تكن الأفضل هذا الموسم، وسجلا سبعة أهداف، ومنحانا كل ما ننشده من الكرة.. مثل هذه المباريات لا تمر سريعاً.. مثلها يبقى ويطاردك من المساء إلى الصباح.. مثل هذه المباريات ليس شرطاً أن تكون لأحد طرفيها كي تعجبك.. إنها لمن يحبون الكرة. والمباريات الكبيرة.. يبدو كل ما فيها كبيراً.. اللاعبون والمدربون وحتى الأحداث، تبدو كما ليست في غيرها، فلا الأهداف كما الأهداف ولا اللمسات كحالها، وحتى الكلام بعدها غير الكلام فيما سواها.. تحلق في كل شيء وتدب الحماسة في أوصال كل شيء، وتشعر الجماهير التي حضرتها أنها كانت محظوظة لأنها كانت هناك. وفي دورينا، هناك فرق في كل أحوالها كبيرة، فإذا ما تألقت وأبدعت، تحول الأمر إلى كرنفال واستثناء، كما حدث في مباراة الوحدة والوصل، والتي جمعت طرفين أصيلين في الصراع على دوري هذا الموسم، فتبادلا الإثارة من البداية حتى النهاية، التي دانت لأصحاب السعادة، رغم أنهم أكملوا المباراة بعشرة لاعبين، لكن يبدو أنه كان بين هؤلاء العشرة من يساوي أكثر من لاعب، مثل النجم إسماعيل مطر الذي سجل الهدف الرابع في وقت فارق وفي ظل النقص العددي لفريقه، والهدف الذي سجله «سمعة» هو الثاني له هذا الموسم، ولكن عطاء إسماعيل لا يمكن قياسه بالأهداف فقط، فمجرد وجوده فارق.. وما يقدمه مع «العنابي» هذا الموسم عنوان للاعب كبير يصر على أن يبقى كبيراً طالما هو في الملعب. أيضاً من اللاعبين الذين شكلوا فارقاً في صفوف أصحاب السعادة، الحارس محمد الشامسي الذي ذاد عن مرماه ببسالة، وتصدى في الثواني الأخيرة من الوقت بدل الضائع لضربة جزاء احتسبها الحكم للوصل، وأعلن الشامسي من خلالها الهيمنة العنابية على النقاط الثلاث، وتألق الشامسي مقابل خبرة وحنكة «سمعة» يشكل أيضاً عنواناً لفريق يجتمع فيه الحاضر والمستقبل.. فريق أحكم صفوفه، وتناغمت كل أركانه من إدارة ولاعبين سواء أجانب أو محليين ومدرب متزن وعقلاني، وجمهور رائع، والحقيقة أن الوحدة ربما يعد من أفضل الفرق هذا الموسم، فهو يلعب بأسلوب هجومي واضح مقابل اتزان دفاعي، كما يجيد لاعبوه التنقل بين أكثر من طريقة لعب في المباراة الواحدة، وهي ميزة تحتاج إلى جهد كبير، والأهم أن لديه تنوعاً وثراء ويمتلك دكة بدلاء حاضرة على الدوام، وهو ثاني الأقوى هجوماً وفي مقدمة الفرق الأقوى دفاعاً.. هو باختصار فريق متكامل. كلمة أخيرة: انتظر الكثير.. حين يتألق الكبير والصغير