السماء قبعة زرقاء عملاقة، والشمس بشالها الذهبي تطل من خلال الغيمة الشفيفة كأنها الأيقونة الأبدية. الناس ينفرون خفافاً، سعياً إلى مواطن اللقى، هاتفين باسمك يابلادي، بفرحة الطير المحدق في شجيرات النماء، والقلوب خضراء عشبية يانعة يافعة ساطعة ببريق السعادة. في الصباح، الأحلام غزلان ترفل بصورة الواقع الفضي، لامعة مثل تألق الموجة على شطئان التدفق، والطريق إلى المجد ممهد بسجادة تاريخية، نسيجها من حرير الأمل، وألوانها من لون الصحراء النبيلة، وعطرها من بخور المرفرفات بعباءة الجد والاجتهاد، ومنذ أن تكلمت النخلة، وأرخت سعفات الخير، وهذه بلادي تذهب بالناس الخيرين إلى حيث تكمن حقيقة التطور، وحيث يمكث المدى في مرابع الازدهار، ويصير الأفق مثل شرشف يفوح برائحة السواحل التي هيضت المستحيل وأيقظت في الروح سنابل العطاء، وصحا الإنسان على مطر يغسل الأرض ويمسد خصلات الحياة بمشط النث الرقيق، ويمنح العيون لمعة الفرح والحفل البهيج. في الصباح، ترسم أهداب الشمس صورة الحاضر، أسطورة مثالية لوجه حضاري، وتاريخ يتجلى قوة وجمالاً، وإنسان إماراتي ما غفت عيناه عن الحب، وما طرفت جفناه إلا لأجل منجز يملأ العالم دهشة، ويسكب في وعاء العقل البشري، شهد العطاء والسخاء ونبل الانتماء إلى عالم لا تحده حدود، ولا تصده صدود، بل هو قطرات من بحر واحد، هو ذرات من رمل تضاريس واحدة. في الصباح، تعلم جيداً أنك تنتمي إلى العالم كما تدلف من منزل الإمارات، قلبك منسجم مع الآخر، متصالح معك، ملتئم مع الكون الفسيح، كما هي الغيمة التي تتشابك أصابعها، من أجل مطر يطور نسل الأشجار، ويلون الأزهار بريشة الندى، ويزرع الحلم إنسانياً بامتياز، وأنت المخلوق المثالي في بلد الاستثناء والفرائدة، تخصب الطموح بإرادة القوة، وتعطي الوجود رونق البقاء من دون ارتجافة أو كلف. في الصباح، تخرج من بيتك وأنت مفعم بحرية الطير، تحلق بأجنحة السعادة، وتمضي في الشارع، والشارع ملاءة منقوشة بالسكينة، لا شيء يقلقك، لا شيء يؤرقك، فقط لأنك من هنا، ابن هذه الأرض التي حفظت ولا تزال خطوات الذين نحتوا على التراب صورة الإنسان العاشق، وحفروا في الرمل منابع العذوبة، واسترسلوا في كتابة قصيدة، الحب الأول لأرض الشيم العالية، والقيم النجيبة وشهامة الأوفياء ونجابة النبلاء، وسجايا من كتبوا في الصحائف والكتب سيرة وطن أحب الناس فأحبوه، وأعطى فأعطوه من دمائهم وأرواحهم، فقط لأنه وطن جبل على ثراء المعنى وغنى الدلالة.