مر عام 2018 بسرعة، كما تمر لحظة خاطفة، رفة جناح طائر، غمزة عين ضاحكة، وخفقة قلب قافز. مر تاركاً لنا عالماً متغيراً أبداً، مثل كل عام سبقه، محملاً بأحزاننا وأخطائنا وحروبنا، كما هو محمل بأحلامنا، وآمالنا وكل ما هو جيد وجميل حققناه. مر عام 2018 جالباً معه عاماً مختلفاً وفريداً لكل شخص منا، ملوناً بفرديتنا ومنظورنا الشخصي والثقافي، وتجربتنا الخاصة.
7 مليارات عام في عام واحد. في كل لحظة، هناك 7 مليارات لحظة، في كل حدث، هناك 7 مليارات تجربة، في كل خبر على التلفاز أو على فيسبوك، هناك 7 مليارات ردة فعل، منها الجميل ومنها القبيح.
كل ما مرت عليَّ لحظة يأس أو غضب، ليس عليَّ سوى أن أتذكر بأنه في هذه اللحظة هناك 7 مليارات لحظة وشعور، وبإمكاني اختيار لحظتي وردة فعلي. وإن لم أستطع الخيار، بإمكاني الاستسلام لسلام داخلي نابع من معرفة أنني لست وحيدة بما أشعر في عالم غني، كل لحظة فيه لا تعد ولا تحصى، وكل لحظة تساوي الأخرى، فالوقت عادل لا يفرق بين شخص وآخر، يقبل كل شهيق وزفير من دون حكم مسبق أو تفرقة. ولو اختلفت هذه اللحظات كما تختلف ألوان الفراشات، يبقى العالم عالماً واحداً وموحداً، ويبقى العام عاماً واحداً لا أطول ولا أقصر. في جوهر هذا العدل المطلق، يكمن سر التسامح. بإمكاننا أن نبدأ بقبول الغير من خلال قبول عامهم وعالمهم.
ما أتمناه في عام 2019، عام التسامح، بأن نعمل جميعاً على قبول لحظات غيرنا، وأعوامهم وعوالمهم. ليس بإمكاننا أن نوحد تجربتنا، إن لم يكن بسبب اختلافاتنا الثقافية، سيكون بسبب اختلافاتنا الجغرافية، حيث النهار ليل في مكان آخر، والصيف شتاء. ولو كان الوقت عادلاً، فالحياة ليست سواسية. ما بإمكاننا هو اتخاذ خيار تقبل اختلافاتنا، وتقبل كل أوجه الواقع التي تجلبها كل دقيقة زمن، فليس هناك واقع أكثر حقيقة من الآخر. بإمكاننا أن نبدأ من هنا.
ما نتمناه من عام 2019 أن لا يجلب معه حروباً جديدة وآلاماً لم تكن، كما سبقه، بل ما أتمناه أن يجلب لنا نبض حب جديد، وأملاً لا قاع له ولا نهاية . فلنكن قلوباً مفتوحة واسعة، تتقبل كل حقيقة ودقيقة ووجهة نظر ولحظة لم تكن قبلاً ولن تكون بعد وهلة!