- خبر مفرح ويبعث على السعادة، ويزيد من طاقة الإنسان الإيجابية نحو مزيد من الإبداع، وصنع المختلف والمتميز، ويبشر أن بلدنا يخطو خطواته الواثقة دون الالتفات للوراء، ودون سماع نباح المسعورين، ومن يستصغرون همم الرجال، ولو هم قليل، ويسخرون من حجم الدول، وهي كبيرة في نظر أبنائها، لذا الإمارات ذاهبة تتبع أحلامها، وخلف آمالها، تسندها قيادة آمنت بطريق التفوق، واستهدت طريق الخير، بعيداً عن الخطابات التي تشبعك كلاماً، وتخذلك عند الحصاد، وما خبر تصنيع أول قمر صناعي عربي بيد شباب من جيل الإمارات العلمي، إلا تتويج لهذه الفرحة، وتلك السعادة، وهي من البدايات الكثيرة التي نتمناها أن تبدأ ولا تنتهي، أن تعم ولا تخص، ففرحتنا من فرحة جميع العرب، ولا نكتمها، بل نماري بها، ونعلنها، فمن وثق من نفسه، لا يبالي بما يفعل الصغار والجهلاء والمأجورون، وليبق أولئك المسعورون يتمنون الفشل قبل النجاح للآخرين، لأنهم يجترون هزائمهم وفشلهم وحدهم، وليضحكوا تندراً اليوم قليلاً، كما فعل قوم نوح، فغداً يبكون كثيراً، ولا منجي من الغرق إلا الإصرار والعلم والعمل، وحدها الغربان ظلت تنعق في الخرابات دون أن تتمكن من بناء عِش جميل لها في الحياة! - ثمة رجال يحترمون أنفسهم، ويقدرون كلمتهم، ويثمنون مواقفهم، والأمر ذاته ينطبق على بعض الشعوب المتطورة، ولا شك أن الشعب البريطاني، مهما اختلفت معه، وتناقضت الآراء بشأنه، إلا أنه من الشعوب المحترمة لتقديسه الوقت، والارتقاء بقيمه الأخلاقية، وافتخاره بمنجزه الحضاري، وإعلائه لكلمة الشرف الإنساني، وهو غير الشرف المرتبط معنا نحن العرب وبعض الشعوب المتأخرة بالجنس، فمسألة تأخر الوزير البريطاني اللورد «مايكل بيتس» عن مجلس العموم لدقائق عدة، وبعد أنْ حضر، وهم يلملم جل اعتذاراته، ودون أن يتعلل بالمسببات، سواء أكانت صادقة أم كاذبة، مثل مرض أمه، ووفاة خالته، ووضع زوجته، من تلك المسوغات التي يحفظها العربي منذ نعومة أظفاره، ويستلّها في المناسبات المحرجة، اللورد البريطاني، وحينما اكتشف بأن المجلس قد ناقش خلال تأخّره سؤالاً أو استجواباً موجهاً له، شعر بالخزي والمهانة، وطلب الحديث من رئيس البرلمان، وقال: ‏«أشعر بالعار لأنني لم أكن موجوداً لأجيب عن السؤال، ولهذا أعلن استقالتي الفورية»، ‏ثم غادر الجلسة وسط استنكار واعتراض وتصفيق، ومحاولة ثنيه عن الاستقالة، وعدم قبولها لاحقاً، نحن عندنا برلمانيون يتغيبون بالأشهر، لأنهم مقاولون من الباطن، وبعضهم يغيب عن جلسات ويأتي وحقيبته ملأى بالأعذار والمسببات الكاذبة، وبعضهم يأتي على عكاز أو كرسي متحرك، حالفاً بشرفه، ليبرر غيابه، وليحظى بالعطف للانتخابات القادمة، في حين الرجل الياباني لا يستطيع أن يبرر الهزيمة، مهما كانت صغيرة أو كبيرة، ولا يقدر أن يميز بينهما، فهو في النهاية إما أن يفعل بشرفه ما يمليه عليه ضميره أو يقتل نفسه بشرف!