ما شأن نوري المالكي بالبحرين، وتركيبتها الاجتماعية، وخيارات شعبها، ولماذا يستمر «رئيس ائتلاف دولة القانون» في دوره الوظيفي لصالح إيران، بعدما قدّم مصالحها على أولويات الشعب العراقي أثناء رئاسته الحكومة العراقية من 2006 إلى 2014، وقد ختم ولايته بأكثر الأحداث سوءاً وضرراً، عندما سقطت الموصل في احتلال تنظيم «داعش» الإرهابي؟!
يخطب المالكي عن «الحرية والعدالة» في اجتماع شهدته بغداد، لـ«ائتلاف شباب 14 فبراير»، وهذا تنظيم غير مشروع في البحرين، وأدرجته المنامة في قائمة الجماعات الإرهابية، منذ العام 2014، وهو ينتمي إلى التيارات العدمية، التي لا ترى ضرورة للاندماج في العملية السياسية، إلا بشروط، لا تخدم الوحدة الوطنية في البحرين.
البحرين أنجزت الانتخابات النيابية والبلدية الشهر الماضي، وفشلت كل دعوات المقاطعة في ثني البحرينيين عن تقرير مصيرهم وتحقيق تطلعاتهم، إذ شهد الاستحقاق مشاركة شعبية لافتة، وكان للنساء والشباب تأثير مباشر في المناخ الانتخابي، وفي النتائج، وأخفقت كل حملات التشويش الداخلية والخارجية في التأثير على عملية الاقتراع، في أكثر من صعيد.
الآن، يتحدث المالكي عن «التمييز والتهميش»، أمام تنظيم غير مرخص، ويمارس نشاطه خارج الأطر القانونية في مملكة البحرين، ويستطيع أي عراقي، وأي بحريني، أن يذكره بإيقاع الأعوام الثمانية، التي قضاها رئيساً لوزراء العراق، وكيف اتسمت مجمل سياساته بالتمييز الواضح والحاد، بين مكونات الشعب العراقي، وبتغليب المصالح الإيرانية على أمن العراق واستقراره، وتماسك مؤسسات الحكم فيه.
قفز المالكي عن أكثر من حقيقة في خطابه المذهبي، الذي طبع سنواته في الحكم، فأهل البحرين مواطنون أولاً وأخيراً، قبل أن يكونوا سُنّة أو شيعة، وهذا التصنيف لم يعد صالحاً للتداول السياسي، إلا للتذكير بتشوهات الذهن الإيراني من اليمن والبحرين، إلى سوريا والعراق ولبنان، وكان على المالكي، وهو يتحدث عن «التهميش»، أن يتابع أحوال السُنّة، والأقليات الدينية في تسع محافظات في إيران، فهؤلاء يتعرضون لاضطهاد سياسي وإنساني موثق دولياً.
الشباب البحريني، الذي أقبل على صناديق الاقتراع في الانتخابات الأخيرة، أظهر أن البلاد تتقدم على المذهب، والمواطنة تتقدم على الفرز الإيراني، وأثبت أن مقولات المالكي، وتركيزه الدائم على الثنائيات الطائفية، لا يتوخى أمن البحرين، ولا العراق، فالهوية الوطنية الجامعة، لا تعترف بالولاءات الخارجية، ولا بالهويات الفرعية.
حسناً فعلت وزارة الخارجية في البحرين، باحتجاجها الرسمي على تصريحات المالكي، واعتبرتها «تدخلاً مرفوضاً في الشؤون الداخلية للبلاد»، ومن المهم أن تعلن القوى العراقية الراشدة موقفاً رافضاً لمثل هذا التدخل، ولأهدافه وخلفياته.