الجمعة 3 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مستهلكون: أسعار قطع غيار السيارات في الوكالات «خيالية».. والمستعمل بديل مناسب

مستهلكون: أسعار قطع غيار السيارات في الوكالات «خيالية».. والمستعمل بديل مناسب
24 ديسمبر 2018 02:24

فهد الأميري (أبوظبي)

فوجئ «أبو علي» بمشكلة فنية في سيارته الألمانية الصنع، أدت إلى توقفها في منتصف الطريق، فاضطر إلى قطرها إلى ورشة الوكالة الخاصة بها لإصلاح المشكلة، وفي اليوم التالي تلقى اتصالاً من موظف الخدمة بالوكالة، يفيد بوجود مشكلة في قطعتين إلكترونيتين بمركبته، وأن تغيير هاتين القطعتين سيكلفه 28 ألف درهم، وسيستغرق فترة طويلة لوصول الطلبية من الدولة المصنعة.
يقول أبو علي، إنه فوجئ بالقيمة العالية لهذه القطع، خصوصاً أن المركبة التي يستخدمها تعد من فئة المركبات الصغيرة، ويعود موديلها إلى عام 2011، فقرر البحث عن حل آخر.. اتجه الرجل إلى إحدى الورش المتخصصة (الكراجات) في منطقة «مصفح» والتي تقوم بإصلاح هذا النوع من المركبات وتوفر قطع غيار مستعملة، وفي اليوم نفسه تلقى اتصالاً من موظف «الكراج» بتوافر قطع الغيار المطلوبة ضمن سوق القطع المستعملة، وأنها في حالة جيدة، وستكلفه قرابة 5 آلاف درهم، فاختار تصليح سيارته لدى هذه الورشة.. يقول أبو علي، إن هذه الحادثة تمت قبل أكثر من عام من تاريخ كتابة هذا الموضوع، وأن سيارته تعمل بحالة ممتازة حتى الآن، وأن هذا المشوار إلى الورش في مصفح قد وفر عليه مبالغ مالية «ضخمة».
حالة «أبو علي» ليست سوى حالة واحدة من آلاف الحالات التي تتجه إلى سوق «المستعمل» أو «السكراب» بشكل متزايد، في ظل شكاوى لا تكاد تنتهي من جانب العديد من المستهلكين، بارتفاع أسعار قطع الغيار والصيانة لدى وكالات السيارات التي تحتكر استيراد هذه القطع وبيعها، ما أنعش السوق «المستعمل» إلى حدٍ بعيد.
كثير من المستهلكين يبحثون عن قطع غيار تناسب ميزانياتهم، فيلجأون في الأغلب إلى سوق قطع السيارات المستعملة «السكراب»، أو قطع الغيار «التجارية» ذات السعر الرخيص.
ويرى مستهلكون، أن القطع المستعملة تعد خياراً مناسباً وذات سعر متدنٍ، شريطة أن تكون أصلية، إذ إن التجارية ورغم انخفاض سعرها، قد تنجم عنها انعكاسات سلبية كثيرة، وهو ما يؤكده تجار قطع سيارات مستعملة، يرون في «المستعملة» خياراً مناسباً يوفر كثيراً على أصحاب السيارات، خاصة أن هناك مراقبة ومتابعة حكومية على هذه القطع وسلامتها.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فبعض المستهلكين قد يصل بهم الحال إلى التخلي عن سياراتهم في حال لم يجدوا قطعاً مستعملة رخيصة، كما حدث مع أبو عبدالله الذي يملك سيارة موديل 2009، يقدر ثمنها حالياً بـ34 ألف درهم، وبعد عرضها على الميكانيكي كانت بحاجة إلى قطع غيار بنحو 14 ألف درهم.. لجأ إلى متاجر القطع المستعملة، إلا أنه لم يجد كل ضالته فيها، فقرر عرض سيارته للبيع بنصف السعر.
يقول أبوعبدالله، إن ارتفاع أسعار قطع الغيار الأصلية يثقل كاهل المستهلكين، ولكن عدم توافر قطع غيار مستعملة أحياناً يزيد الأعباء، خاصة مع زيادة تكاليف الحياة وارتفاع الأسعار، فقررت عرض السيارة للبيع والبحث عن سيارة أرخص تكون قطعها متوافرة بكثرة حتى أتمكن من السيطرة على موازنتي.
يقول غاشم الكتبي، مستهلك، إنه يتردد على محال سوق «السكراب» عندما يحصل أي عطل لسيارته.. ويضيف: «ألجأ إلى شراء ما يلزم تصليحه من القطع التي يحددها لي الميكانيكي، فأبحث عنها في المحال والكراجات»، مؤكداً أنه يحصل في سوق «السكراب» على قطع الغيار التي يحتاج إليها لإصلاح سيارته وبأسعار مناسبة مقارنة بأسعار القطع نفسها من الوكالات، وتتميز كذلك بجودة عالية، إذ تظل تعمل لمدة طويلة في المركبة دون أن تسبب لها أي أضرار أو أعطال تذكر.
ورغم أن كثيرين يعرضون سيارتهم للبيع في الوقت الحالي وبأسعار متدنية، إلا أن أسعار القطع المستعملة لم تتراجع بمستوى مماثل، حيث يرى أبوعبدالله أنها مرتفعة، ويدعو إلى تخفيضها وفرض رقابة أكبر على هذه المحال، بحيث لا تخضع كلياً إلى أسلوب العرض والطلب، مع ضرورة تحديد سقف أعلى لأسعارها.

تفكيك ونجاح
أصحاب محال بيع قطع غيار السيارات، يؤكدون أنهم ينشطون دائماً في شراء السيارات المستعملة، ويقومون بتفكيكها وعرض القطع الصالحة منها للبيع، معتبرين أن أسعارها مناسبة، خاصة أن معظمها يكون أصلياً.
وقال عبد القدوس أختر، وهو تاجر سيارات قديمة في دبي: «أعمل في هذا المجال منذ أكثر من 15 عاماً، إذ أشتري السيارات التي تعرضت لحوادث مرورية بأسعار منخفضة، ثم أعمل على تفكيكها إلى قطع غيار في الورشة الخاصة بي، فيما يتولى العمال تنظيفها وتزييتها، وفي حال كانت صالحة للاستعمال أعرضها في المحل الخاص بي المجاور للورشة الذي خصصته من أجل بيع قطع الغيار المستعملة التي يقبل عدد كبير من المستهلكين على شرائها، لا سيما الفئة ذات الدخل المتوسط، كون قطع الغيار التي تباع في الوكالات بأسعار مرتفعة».
وأضاف: «أصبحت ورش وكراجات السكراب تنافس الوكالات، بل وتتفوق عليها في أسعار قطع غيار السيارات التي تقدمها لهم وبـ(الجودة) نفسها التي توفرها الوكالات»، موضحاً أن ورش «السكراب» تقدم قطع غيار ذات جودة فنية عالية بأسعار منخفضة.
وأكد «ما نبيعه من قطع لا غش ولا تدليس فيها، إذ نتأكد من خلال خبرتنا الطويلة في هذه التجارة أنها غير مقلدة، كوننا لا نشتري السيارات المتهالكة بل المستعملة، وفي النهاية يكون الخيار للمستهلك».

مواسم انتعاش
من جهته، قال حسن المصري صاحب محل بيع قطع غيار سيارات مستعملة بدبي «على الرغم من وجود إقبال كبير من المستهلكين وأصحاب المركبات على شراء قطع الغيار التي يكون مصدرها (السكراب)، إلاّ أن حركة البيع تنشط خلال مواسم محددة من العام، خصوصاً في أواخر فصل الصيف التي يستعد فيها الشباب لتجهيز مركباتهم لفصل الشتاء، مشيراً إلى أن مبيعات سوق (السكراب)، خلال الشهرين الماضيين ارتفعت بنسبة 35% مقارنة بمبيعاتها منذ بداية العام، وهذا النمو دفعنا إلى البحث في جميع الإمارات لشراء سيارات قديمة أو متضررة من حوادث، كما أننا خصصنا حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مثل (إنستغرام) و(تويتر)، نعلن من خلالها رغبتنا في شراء السيارات القديمة التي على الرغم من أنها تستغرق منا وقتاً كبيراً في تفكيكها واختيار قطع الغيار الصالحة والأصلية منها، إلا أنها تشكل مصدر ربح رئيس لنا، حيث يقبل أصحاب المركبات على شراء قطع الغيار التي نبيعها بأسعار مناسبة مقارنة بأسعار البيع في الوكالات التي تزيد على أسعار محال (السكراب)، وفي كلتا الحالتين تكون الجودة بالمستوى ذاته، باستثناء الضمان الذي تقدمه الوكالات لبعض القطع».
وأشار إلى أن «بعض محال قطع السيارات المستعملة تقدم ضمانات للزبون على البضاعة التي يشتريها منهم».
وحدد العناصر التي يحرص تجار «السكراب» على توافرها بقطع الغيار التي يبيعونها في انخفاض الأسعار وصلاحية القطعة، وإمكانية إعادة القطعة في حال عدم جدواها في العمل، «لاسيما أن عيوب بعض القطع لا تظهر إلا بعد الاستعمال».
ورغم أن القطع المستعملة تعد خياراً أمام أصحاب ذوي الدخول المحدودة، إلا أن ورش تصليح السيارات تؤكد أن هناك صعوبة أحياناً في الحصول على القطعة المناسبة، فيضطر صاحب السيارة إلى البحث عنها في الوكالة.
يقول ساجد المجذوب صاحب ورشة لصيانة السيارات في المصفح بأبوظبي، إن القطع المستعملة خيار مناسب لأصحاب السيارات خاصة القديمة، وكثير منهم يفضل البحث عن المستعمل إذا كان يفي بالغرض في ظل ارتفاع أسعار قطع الوكالات، مشيراً إلى أن أسعار «المستعمل» تقل بنسبة تصل إلى أكثر من 70% عنها في الوكالات.
وتابع أن البعض يفضل بيع السيارة والتخلص منها؛ لأن ثمن تصليحها يعادل سعرها بالسوق.
بيد أنه أشار إلى أن هناك تفاوت كبير في أسعار قطع غيار السيارات الجديدة بين الوكيل وبين متاجر أخرى تبيع القطع الأصلية نفسها من الماركات نفسها. ويقول إنه توجه إلى وكالة تبيع قطعا لماركة سيارات شهيرة، فوجد ثمنها بـ5 آلاف درهم، مشيراً إلى أن قطعة واحدة بهذا الثمن تعتبر مكلفة على صاحب السيارة.. فتوجهت إلى متجر يبيع القطعة الأصلية نفسها للوكالة نفسها، ولكن ثمن هذه القطعة كان 2500 درهم، وهو أقل بـ50% من سعر الوكالة الأصلية.
يضيف «ومع ذلك، فإن نفسها القطعة استطعت إيجادها في سوق (السكراب) بـ1000درهم».
ويقول المجذوب: إن صاحب السيارة بكل تأكيد فضل المستعمل؛ لأن ثمنها أرخص، مشيراً إلى أن الحالة المادية لمعظم الزبائن لا تسمح لهم بشراء قطع جديدة.. داعياً الوكالات إلى إعادة النظر في أسعار القطع الجديدة.. فلا يمكن أن تباع في الإمارات بضعف سعرها في أماكن أخرى.
يقول غاشم الكتبي الذي يفضل البحث في «السكراب» عن القطع التي يريدها، «لا أجهد نفسي في السؤال عن سعر القطع في الوكالات؛ لأنها مرتفعة جداً، وارتفاعها غير مبرر، ويثقل كاهل المستهلكين، بحيث بتنا لا نعرف تماماً سبب ارتفاعها في الإمارات مقارنة بدول أخرى».
وينصح خورشيد محمد، وهو صاحب ورشة تصليح مركبات بدبي المستهلكين، أن يضعوا في اعتبارهم عند التوجه لشراء قطع غيار لمركباتهم أنها تقسم لثلاث مستويات وفقاً لجودتها، وهي الأصلي والمقلد سواء بالدرجة الأولى أو الثانية وقطع الغيار التي تباع من سوق «السكراب»، مشدداً على ضرورة مراعاة أن بعض قطع الغيار لا يمكن إلا أن تشترى من الوكالات والتي يكون عمرها الافتراضي محدوداً والتي تعرف بـ«القطع الاستهلاكية».
وأضاف «تختلف أسعار قطع الغيار التي تباع في وكالات السيارات وفقاً للبلد الذي تصنع فيه، إذ قد يجد المستهلك نفسه أمام خيارات عدة، من حيث الأسعار، فمثلاً قد يحصل على قطعة غيار بسعر 1000 درهم، وهذه القطعة نفسها قد يجدها في الوكالة نفسها، لكن بسعر 500 درهم، وهذا التباين في الأسعار جاء بسبب اختلاف بلد التصنيع والتي تعتبر أحد معايير الجودة لقطع الغيار.
وأشار إلى أنه، ونتيجة لقيام بعض وكالات السيارات في الدولة برفع أسعار قطع الغيار التي تبيعها للمستهلكين، فإن البعض يلجأ إلى استيراد ما تحتاج إليه مركبته من قطع غيار من الوكالات في الدول الخليجية المجاورة والتي تكون أسعارها مناسبة لمعظم المستهلكين، إلا أن المعضلة التي تواجه المستهلك بهذا الشأن هو عدم توافر جميع القطع في وكالات الدول المجاورة نظراً لمحدودية المعروض من أنواع البضاعة.

سلامة العملاء
من جهتها، تؤكد وكالات سيارات، أن سلامة العملاء تتقدم على السعر؛ لذلك تلجا إلى توفير السلعة الأصلية، ناصحة المستهلكين بالابتعاد عن السلع «التجارية» والمستعملة لتأثيراتها «السلبية».
وأكد محمد الفياض، المدير التنفيذي للعناية بالعملاء وخدمات ما بعد البيع في «جنرال موتورز الشرق الأوسط»، أن «سلامة عملاءنا هي الأولوية رقم واحد بالنسبة لنا، ولهذا نعتبر أنه من الضروري الاهتمام بمسألة المخاطر التي تخلفها قطع الغيار المقلّدة على سلامة العملاء».
وقال: قطع غيار الشركة المستخدمة من قبل الوكلاء صممت بشكل خاص، وخضعت جميعاً لاختبارات قاسية ودقيقة، لنضمن جودتها العالية وملاءمتها للغاية التي صنعت من أجلها.. وبما أن قطع الغيار المقلّدة تصنع عادة من مواد رخيصة، فليس هناك أي ضمانات عندما يتعلق الأمر بقدرة تحملها للظروف البيئية القاسية وظروف القيادة المختلفة التي تتعرض لها السيارات في الشرق الأوسط، وبحسب قطعة الغيار، هذا الأمر قد يؤدي إلى ضرر كبير على السيارة، وقد يصل الأمر إلى مخاطر على سلامة ركابها.
ويبلغ حجم سوق قطع غيار السيارات في الامارات 9.1 مليار درهم بنهاية العام 2017 ما يشكل نحو 20% من سوق الشرق الأوسط البالغ حجمه 45 مليار درهم خلال العام المشار اليه، بحسب أحدث الإحصائيات. وتوقعت مؤسسة «تك ساي» TechSci الدولية لبحوث الأسواق أن عائدات مبيعات المحركات ومكونات السيارات، الأنظمة، الإطارات وأكسسوارات السيارات في المنطقة ستتجاوز 55 مليار درهم بحلول 2021 ليسجل معدل نمو سنوي مركب نسبته 5%.
من جهته، يقول نسيم موراني، مدير عام مجموعة شركة ليبرتي للسيارات، إن قطع غيار السيارات المستعملة، لاسيما القطع الميكانيكية والكهربائية منها، تخلو من معايير الجودة والأمان، لعدم خضوعها لفحوص السلامة، أو التأكد من آلية عملها في ظروف القيادة القاسية، لذا فإن احتمال تلفها السريع يكون كبيراً جداً، وفي المقابل فإن الأمر يختلف مع قطع الغيار الواردة من المصنع والتي تكون مضمونة لفترة زمنية أطول قد تصل إلى عام، وهذا غير متاح للقطع المستعملة نهائياً.
وتابع: «أما بالنسبة لقطع هياكل السيارات، فهي غير آمنة تماماً إذا تم فكها وتركيبها خارج الوكالات المعتمدة، خصوصاً التي أجريت لها عمليات الدمج واللّحم بغير المواد والأجهزة المعتمدة من قبل المصنع»، مشيراً إلى تعرض الأجهزة الإلكترونية و«الحساسات» المسؤولة عن عمل «وسادات» الهواء للتلف أثناء عملية التصليح الناتج عن الحوادث، أو عن طريق تركيب قطع الهيكل الخارجي بوساطة أشخاص غير اختصاصيين، وأيضاً بسبب عدم البرمجة الصحيحة لأجهزة الكمبيوتر بعد التركيب والتي تؤدي حتماً إلى عدم فتح «الوسادات» عند التعرض لحادث، وتالياً يزيد احتمال الإصابات البشرية الخطيرة أو الوفاة.
وعن تأثير بيع قطع الغيار المستعملة على مبيعات الوكالات، قال موراني: نحن نوفر دائماً قطع الغيار الآمنة والأصلية لعملائنا لتكون تحـت طلبهم في أي وقت، ولنضمن تقديم خدمة للعملاء بأفضل صورة ممكنة، ولكن شراء قطع الغيار المستعملة تحول من دون تحقيق ذلك وتؤثر على مبيعاتنا، إضافة إلى تسببها في العديد من المشاكل التي تهدد سلامة العملاء وتؤثر على سمعة العلامات الأصلية، وتأكيداً لذلك فقد لجأ إلى وكالتنا عملاء وقعوا في فخ الغش التجاري، وسبب لهم خسائر كبيرة عند شرائهم القطع المستعملة أو المقلدة، وكانت النتيجة تكرار الأعطال، إضافة إلى الخسائر المادية.

قطع مستوردة
بيد أن سلطان محمد «مستهلك»، يؤكد أن المستهلك ليس مضطراً لشراء جميع قطع الغيار التي تحتاج إليها المركبة الخاصة به من وكالات السيارات كونها تبالغ في أسعار السلع التي تبيعها فضلاً عن ارتفاع الخدمات التي تتقاضاها الوكالة عن التركيب، مؤكداً أن ما يباع في محال قطع الغيار المستعملة لا يمتاز بجودة متدنية وفقاً للنظرة السائدة بين أفراد المجتمع والمستهلكين. وقال: «معظم محال (السكراب) تعرض بضاعة ذات جودة عالية وخالية تماماً من أي عيوب كونها تحصل على هذه القطع من مركبات مستوردة من خارج الدولة أو مركبات سليمة قد يبيعها أصحابها لمحال (السكراب) التي تعمل على تفكيكها وعرض مكوناتها للبيع، فهي تعتبر خيارا وبديلا استراتيجيا في ظل (الارتفاع المبالغ فيه) في أسعار قطع الغيار التي توفرها الوكالات».
«الاتحاد» بعد جولتها في عدد من الأسواق و«الكراجات» ومتاجر بيع القطع الجديدة والمستعملة، لمست فارقاً كبيراً بين أسعار الجديد والمستعمل، وبين أسعار الجديد من الوكالات ونظيرتها في الوكالات بالدول المجاورة، وهو ما يطرح السؤال عن الآلية التي يتم عليها بناء الوكالات لأسعار السلع التي تبيعها؟.
وكالات السيارات تؤكد أنها تعتمد آلية واضحة لتسعير القطع تعتمد على تقييم المصنع ومقارنة السلعة مع أسعارها في دول المنطقة والتنافس، فيما أكدت وزارة الاقتصاد أنها شكلت لجنة خاصة لقطع الغيار والعلامات التجارية المنبثقة من اللجنة العليا لحماية المستهلك، تتمثل مهامها في التأكد من قطع الغيار التي تباع في الدولة من أنها أصلية كما يتم التأكد من جودتها، بعد أن تتولى اللجنة استئذان التاجر وأصحاب محال بيع الغيار عن طريق الوكلاء المقيدين في سجل الوكالة التجارية بالدولة.
وأضافت أن هناك لوائح وضوابط لمراقبة الأسواق والحفاظ على الأسعار بصورة عامة، منبثقة عن القانون الاتحادي المعني بهذا الشأن، وعليه لا يجوز بأي حال رفع الأسعار الخاصة بأي منتج مسجل لدى الوزارة من دون أخذ موافقة خطية من الوزارة بعد إقرارها من قبل اللجنة العليا لحماية المستهلك، التي يترأسها وزير الاقتصاد.
رفع أسعار السلع عموما ووجود فجوات سعرية كبيرة بين سعرها الأصلي والسعر الذي تباع فيه بالدولة، يشكل عبئاً كبيراً على المستهلكين ويساهم في إيجاد سوق للتهريب ويقلل ثقة المستهلكين في الوكالات التجارية، بحسب خبراء اقتصاديين.

خسائر للوكالات
يقول الدكتور نجيب الشامسي، مستشار اقتصادي في غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، إن الوكالات تتعرض لخسائر حين يشترى المستهلكون من منافذ بيع أخرى سواء كانت محال تبيع قطع غيار جديدة أو محال «سكراب» تبيع القطع المستعملة، مؤكداً أن المبالغة في الأسعار التي تعرضها الوكالات التي تحتكر بيع القطع رسميا، جعلت المستهلكين يبحثون عن مصادر أخرى للبيع أقل سعراً وبالجودة ذاتها، مشيراً إلى أن هذه الوكالات لا تعتمد في دخلها وربحها المادي على بيع السيارات بل تحقق أرباحاً عالية عبر مبيعات قطع غيار المركبات وخدمات ما بعد البيع.
وأشار إلى أن المستهلك يتمتع بثقافة شرائية عالية تجعله يشتري السلعة التي يحتاج إليها وبأقل الأسعار، فقبل الإقدام على شراء سيارة جديدة يفكر بعمق ويدرس نوع وأسعار قطع الغيار الخاصة، منوهاً بأنه عند عمل صيانة للمركبة فإن وكالات السيارات تعمل على استبدال بعض قطع الغيار القديمة بأخرى جديدة على الرغم من إمكانية استمرار استخدامها، ما يحمل المستهلك أعباء مالية تجعله يفكر مستقبلاً أن لا يشتري مركبة من النوع نفسه، لافتاً إلى أن وكالات السيارات أصبحت تشهد انخفاضا في المبيعات كون القوة الشرائية للمستهلك لم تعد كالسابق.
وأوضح أن الارتفاع الملحوظ في أسعار قطع غيار المركبات في الوكالات يدفع المستهلك إلى شراء القطع المقلدة التي تشكل خطراً على حياتهم وساهم في ذلك انخفاض مستوى القوة الشرائية، لافتاً إلى أن وكالات السيارات في دول الجوار تقدم أسعاراً تنافسية لقطع الغيار وللسيارات سواء الجديدة أو المستعملة وبمواصفات عالية الجودة، مشدداً على ضرورة أن تقوم وكالات السيارات بدراسة قائمة الأسعار المقدمة للعملاء من أجل زيادة مبيعاتها وضمان استمراريتها كون مصانع السيارات العالمية التي تورد سيارات مصنعة حديثاً للوكالات تقيم استمرارية توريدها وتعاملها مع هذه الوكالات على أساس حجم ومعدل المبيعات. وتابع أن مثل هذه التصرفات تشكل ضرراً على الاقتصاد يجب الانتباه لها بحيث تكون هناك آلية واضحة لعملية البناء السعري للسلع يحدد فيها حد أعلى لربح التاجر مع الأخذ بعين الاعتبار المستهلكين.

الأسماء التجارية
بدوره، قال حسن الكثيري الخبير المالي في شؤون المستهلك «تتوافر عدة خيارات في سوق قطع غيار السيارات منها الأصلية وكذلك التجارية مع المواصفات نفسها، لكن الثقافة الاستهلاكية الدارجة لدى معظم المستهلكين بالدولة هي أن المفاضلة دائما ترجح كفة قطع الغيار التي تباع في الوكالات ذات الأسماء التجارية العالمية على قطع الغيار التي تباع في المحال التجارية على الرغم من أن كلتاها تحمل ذات المواصفات».
وأضاف: «القطعة المستعملة يجب أن تحكمها ضوابط وتشريعات تضمن حفظ حقوق المستهلك»، لافتاً إلى أن لهاث المستهلك وراء الأسماء التجارية العالمية (ماركات) جعلت من أصحاب الوكالات يسعون إلى وضع أسعار بيع مبالغ فيها، خاصة أنهم يحتكرون السلعة.
وأشار إلى تباين أسعار ذات قطع الغيار من منافذ بيع لأخرى، مؤكداً أن المستهلك هو من يقرر الأسعار التي تناسبه عن طريق المقارنة مع ضمان توافر مواصفات الجودة والأمان»، موضحاً «أن قطع غيار السيارات التجارية ليس بالضرورة أن تكون غير صالحة للاستخدام كونها تصنع بمواصفات تطابق التي تباع في الوكالات، لكن باختلاف اسم شركة الإنتاج».
احتكار الوكالات لبيع قطع الغيار يشجع الوكالات على التحكم في الأسعار، في ظل غياب آلية ملزمة للبناء السعري لهذه القطع.. ويدفع تجار إلى البحث عن هذه القطع في أماكن مجاورة وإدخالها إلى الدولة وبيعها بنصف السعر أحيانا، فيما يبحث المستهلكون مضطرين عن قطع بديلة بأسعار تناسب ميزانياتهم.

«الاقتصاد: فرق عمل لمراقبة الأسعار
قال الدكتور هاشم النعيمي مدير إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، إن الوزارة تشكل فرق عمل بالتنسيق مع الشركاء الاستراتيجيين لمراقبة جميع أسعار السلع، بما فيها قطع غيار السيارات سواء الجديدة أو القطع المستعملة، موضحاً أنه «تم عرض هذا الأمر على اللجنة العليا لحماية المستهلك، وعليه تم تشكيل لجنة خاصة لقطع الغيار والعلامات التجارية المنبثقة من اللجنة العليا لحماية المستهلك، تتمثل مهامها في التأكد من قطع الغيار التي تباع في الدولة من أنها أصلية كما يتم التأكد من جودتها، بعد أن تتولى اللجنة استئذان التاجر وأصحاب محال بيع الغيار عن طريق الوكلاء المقيدين في سجل الوكالة التجارية بالدولة».
وأكد: «يتم اتخاذ الإجراءات القانونية مع كثير من المحال التجارية التي تبيع قطع غيار السيارات دون موافقة الوكيل، أو التي تبيع قطع غيار مقلدة وغير أصلية»، مشيراً إلى وجود قوانين لمزاولة هذا النشاط التجاري تحددها الدوائر الاقتصادية بكل إمارة، لافتاً إلى وجود لوائح وضوابط لمراقبة الأسواق والحفاظ على الأسعار بصورة عامة، منبثقة عن القانون الاتحادي المعني بهذا الشأن، وعليه لا يجوز بأي حال رفع الأسعار الخاصة بأي منتج مسجل لدى الوزارة من دون أخذ موافقة خطية من الوزارة، بعد إقرارها من قبل اللجنة العليا لحماية المستهلك، التي يترأسها وزير الاقتصاد.
إلى ذلك، بلغ إجمالي عمليات الفحص للسيارات المعيبة والمتعرضة لحوادث سير خلال العام 2018 أكثر من 400 عملية لـ 360 نوعاً من السيارات، وفقاً لتقرير الفريق الفني للفحص التابع للجنة السيارات والذي يضم 25 مهندساً مختصاً في القطاع، بحسب الدكتور هاشم النعيمي.
وقال النعيمي :«عقدت لجنة السيارات التابعة لوزارة الاقتصاد اجتماعها الرابع للعام 2018 مستعرضة عمليات الفحص الفني للسيارات خلال العام 2018»، منوهاً بأن فريق الفحص الفني التابع للجنة ويضم 25 مهندساً يعملون في مختلف أنواع السيارات، وتقوم اللجنة بفحص السيارات التي لديها خلاف بين المستهلك والوكيل ويكون قرارها إلزامي للتطبيق على الوكيل، وهي لجنة محايدة ولا يتم التعرف عليها من قبل الوكلاء، مشيراً إلى قيام الفريق الفني بتوفير خدمة فحص المركبة للمستهلك في حال رغبته. وأوضح، أن عمليات فحص السيارات تضمنت الفحص الميكانيكي الشامل لمكونات نظام مثبت السرعة والأجزاء الميكانيكية في الأنظمة الأخرى المتعلقة بها وكذلك فحص الأجزاء الكهربائية في نظام مثبت السرعة وفحص الأنظمة الكهربائية الأخرى المتعلقة به وكذلك فحصاً إلكترونياً للأجزاء الإلكترونية في نظام مثبت السرعة والأنظمة الأخرى المرتبطة به وفحصاً عملياً لنظام مثبت السرعة داخل الطريق للتأكد من عمله بصورة جيدة وفحص كل وسائل الأمان داخل المركبة.
وتابع النعيمي: «يضم الفريق الثاني في لجنة الفحص الفني فريق قطع الغيار والعلامات التجارية، حيث يسعى هذا الفريق لتوفير قطع غيار السيارات الأصلية بالسوق المحلية، والبحث عن آليات لمنع وجود قطع غيار غير أصلية تضر بالمستهلكين أو قطع مقلدة، وتم الاتفاق مع كافة الدوائر لتنفيذ حملات على الأسواق لضبط قطع الغيار غير الأصلية، وكذلك في حال قيام الوكيل بشكوى لوجود قطع غيار مقلدة أو غير أصلية في السوق المحلية تقوم لجنة السيارات بتحويل هذه الشكوى إلى الدوائر المحلية للقيام بالتأكد من صحة هذه الشكوى واتخاذ الإجراءات اللازمة.
وأضاف النعيمي، أن الاجتماع استعرض كافة مشاكل قطاع السيارات وإجراءات العملاء المتعثر الوصول إليهم في حال استرداد أنواع من السيارات أو سحب سيارات من السوق المحلية، منوهاً إلى وجود خطة بالتعاون مع إدارة التنسيق المروري في وزارة الداخلية للوصول إلى كافة العملاء، كما تتضمن الخطة التأكد من أن كل السيارات التي تدخل عمليات استرداد تم استردادها وإجراء عمليات الفحص لها
وجدد مطالبته، عملاء السيارات بضرورة فحص دوري للسيارة والمراجعة الإلزامية، وعدم إضافة أية أجهزة على الدائرة الكهربائية أو الإلكترونية.

نظام للرقابة على قطع غيار المركبات
انتهت هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس «مواصفات»، من إعداد النظام الإماراتي للرقابة على قطع غيار المركبات، الذي يهدف إلى الارتقاء بجودة قطع الغيار المستخدمة في الأسواق المحلية، وضمان مطابقتها للمواصفات القياسية الإماراتية في هذا الشأن، بصورة تضمن حماية صحة وسلامة المستخدمين.
وأكد الدكتور يوسف السعدي، مدير إدارة لتشريعات الفنية في «مواصفات»، لـ«الاتحاد»، أن النظام الإماراتي للرقابة على قطع غيار المركبات، يدخل ضمن استراتيجية هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس «مواصفات»، خصوصاً على صعيد تنظيم قطاع النقل والمركبات في الدولة، وبصورة شاملة ومتكاملة، في مسعى لدعم سلامة الأفراد والمركبات على الطرق في الإمارات.
وأشار السعدي إلى أن النظام يحتوي على معايير محددة لأداء هذه المركبات على الطرقات، فهو يتضمن على سبيل المثال قدرة قطع الغيار على تحمل درجات الحرارة، فضلاً عن درجة التآكل الخاصة بها، وفقاً لعدد ساعات استخدام معينة، والأداء في ظروف مناخية قاسية، ومدى تماسكها.
وأشار إلى أن «الهيئة» استندت في ذلك إلى أرقى المعايير العالمية المطبقة، كذلك بناءً على إجراءات الفحص التي تجري للتحقق من صلاحية قطع الغيار ومطابقتها للمواصفات القياسية الإماراتية في هذا الشأن، إذ يضمن التركيز على توفير أعلى درجات الكفاءة لقطع الغيار الأساسية، مثل نظام الفرامل (المكابح) وذراع نقل السرعة، إضافة إلى قطع الغيار الخاصة بالنظام الكهربائي ووحدات الإضاءة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©