مع اعتدال الأجواء في هذه الفترة من السنة، تزدهر إقامة المعارض والمهرجانات والفعاليات المتعددة التي تستقطب الجمهور من مواطنين ومقيمين وزوار، وبالذات أفواج السياح الذين يتدفقون على البلاد، وغالبيتهم تحرص على التعرف عن كثب على التاريخ العريق للإمارات وتراثها الحافل بالكثير من مظاهر العراقة والأصالة. ويجدون ضالتهم في المتاحف والقلاع وغيرها من المناطق التي حظيت باهتمام كبير من الدولة متجسداً في المشاريع الكبيرة للصيانة وأعمال الترميم والتجديد لتلك المواقع.
ويقبل رواد وجمهور تلك المهرجانات والأماكن السياحية والتاريخية على المأكولات والحلويات الشعبية الإماراتية من خلال المنصات والزوايا التي تقام فيها، وبالذات الهريس والخبيص واللقيمات والبلاليط، وكذلك البثيث والخنفروش، وغيرها، ولكنهم يفاجأون بالمبالغة في أسعارها وكأنها سلعة نادرة برغم أن مكوناتها بسيطة وأسعارها في السوق زهيدة.
أقرب مثالين يمكننا تقديهما في هذا الجانب هما أسعار بيع مثل هذه المأكولات في الزوايا والمنصات الخاصة بها في القرية العالمية بدبي، ومهرجان الشيخ زايد التراثي في الوثبة، وهما حديث كل من ذهب إلى تلك الأمكنة، مما يستوجب من الجهات المشرفة على تلك الفعاليات لفت انتباه المشاركين من أصحاب منصات البيع، وإذا كان هؤلاء يبررون الأمر بارتفاع إيجارات وأسعار المشاركة في القرية العالمية، فما هو مبرر نظرائهم في مهرجان الوثبة، واللجنة العليا المنظمة للحدث تقدم كل التسهيلات، بما في ذلك الإيجار الرمزي، إن لم يكن مجاناً، بغية تشجيعهم على الوجود في الحدث العالمي الكبير؟!
والأمر ينسحب كذلك على الكثير من مشاريع الشباب الذين يبالغون في الأسعار، ثم يتساءلون بعد ذلك عن سر تعثر مشاريعهم، خاصة أولئك الذين اختاروا مشاريع المطاعم المتحركة والتي تقدم وجبات سريعة خفيفة، ويختارون الوجود في مواقع الفعاليات أو في مناطق الوجهات المفضلة للسكان سواء في العاصمة أو ضواحيها، تخيلوا عند بعض هؤلاء «الكرك» بعشرين درهماً بينما على بعد خطوات منه محل متواضع يبيع ذات المشروب بدرهم فقط! وغالباً ما يكون مذاقه أطيب من راعي «الفان» والبهرجة.
المبالغة في الأسعار والديكورات الباذخة غير المبررة غالباً ما تكون سبب ذلك التعثر لأنه يدفع بهم لرفع أثمان سلعهم، وهم يستعجلون الربح والنجاح، لأن الأساس لم يكن مدروساً بشكل سليم وعلمي، بينما صاحب المحل المتواضع البسيط أعماله تزدهر.