أصبحت مباريات ريال مدريد وبرشلونة هالسنة مثل القصص الكرتونية التي يحولونها لأفلام سينمائية، لا أحد مقتنع بحقيقة الأمر، ولا متيقن من نتيجة هذا البطل الكرتوني، تماماً مثل المعارك التاريخية التي تقزم في مسلسلات خائبة، ويكتفي المنتج المخرج بقول البطل: هلموا ياقوم، النصر أو الشهادة، ثم مشهد أجساد ملقاة على الأرض مضرجة بالدماء الكاذبة، ولا تعب إخراجي، ولا مصاريف إنتاجية، لقد غاب المحاربون الحقيقيون، وغاب أعداؤهم الذين كانوا من عتاة الإفرنج أو العلوج، هذا حال الفريق «الملكي» والفريق «الكتالوني»، معارك باهتة تعتمد على تاريخ مجيد.
بخروج ذاك النمر البرتغالي جعل من الدوري الإسباني بلا منافس شرس، وجعل من نتائج الدوري الإيطالي من غير «مراهنة» حماسية، ولا «مراهنة» تجزي مالياً، والحال تراه خارج الملعب، فقد غاب المناكفون «البرشالونيون»، وغاب المتنمرون «الملكيون»، وأصبح «دور ورقة» أمتع من لقاء الـ«كلاسيكو»، و«دور كيرم» أحسن من «ديربي» العاصمة، أين النفير قبل أسبوع من المباريات المرتقبة؟، أين الصور المركبة والممتعة التي تطال «رونالدو» أو «ميسي» في الفوز أو الهزيمة؟، أين الرسائل الهاتفية المتبادلة التي تشعل أجواء ما قبل مباريات أفضل دوري كان في غضون السنوات الأخيرة، وبفضل بطلين منصبين وجماهير منقسمة؟ أين السفرات «تشارتر» السريعة لحضور مباراتهما في برشلونة أو مدريد، وتناول ذاك العشاء الفاخر آخر الليل، والصباح «لأنك مصبّح على رأس شغلك»، «تقول رائح حفيت وراد».
الآن تمر على «البرشلوني» في مقهى في «المول»، ويصرخ عليك من بعيد: تفضل أخوي تقهوَيّ معانا أو أشرب «كابتشينو» على الأقل، في حين في الأيام الجميلة المنصرمة كان يشوفك، ويقول: «شو ياب هذا الحين»! تقول أنت وياه مثل «جني وعطّبة»، وعشاق «البرشا» بعد غير، لا من غلبتهم مرتاح، ولا إن غلبوك مرتاح، والواحد منهم «يرّوَحك بيب مالح أو يونية عومه».
المشكلة أن بعض المشجعين نقلوا العداء «الملكي» و«الكتالوني» إلى الدوري الإنجليزي الرائع على الدوام، والذي لا يتأثر بغياب أحد أو بقدوم أحد، نفس الوتيرة، ونفس حماسة اللعب، ونفس الحضور الجماهيري، ونفس الأقداح المنسكبة بعد كل مباراة، ونفس تلك التصويبات من بعيد والتي تعرف المرمى كقذائف معدة مسبقاً، بحيث تجد التكتل «الملكي» وراء أندية إنجليزية بعينها، والتكتل «الكتالوني» وراء أندية إنجليزية مختلفة، لكن جماهيرنا المختلفة على «برشلونة» و«الريال» بالتأكيد متفقة على حب «العين»، وأهلا ومرحباً «بالملكيين» في العاصمة الجميلة أبوظبي، «أوّلا.. بيانفينيدوس»!