الفوز ليس مجرد الوصول إلى أدوار متقدمة، أو الحصول على لقب.. بل هو أحياناً يعيد البسمة في وجوه الناس، يرفع المعنويات ويدخل الأفراح في البيوت والمجالس.. يكفي أنه يتسبب في تداول كلمة مبروك بين الجميع، ويكفي أنه يجعلك منتشياً وتنسى من خلاله ما تمر به من هموم يومية ومنغصات حياتية.. من يعرف قيمة الفوز يدرك أنها ليست نتيجة مباراة كرة قدم فقط، فهو يجعلك تنام قرير العين ليلتها مرتاح البال صافي الذهن، الانتصار له طعم لا يشبهه شيء!
بالأمس العين قدم لنا كل هذا.. مجموعة ليس لها ثمن من المشاعر التي ينتظرها أي أحد كي يكمل بها يومه.. بالأمس كان العين سفيراً للسعادة، مسؤولاً عن نشر المعنويات العالية بين كل أفراد المجتمع، كان هو محور الحديث.. كيف فاز وكم سجل وكيف ظهر وكيف كان فرحة الجماهير في الملعب، العين بهذه المباراة الكبيرة كان نجماً لكل المجتمع بالأمس.. هذا هو الفوز الحقيقي والتاريخي.
ما يميز هذا النادي هو الإحساس بالمسؤولية، فهذا الشعور ليس وليد حديث إداري أو محاضرة مدرب أو متابعة جماهير.. بل هو أشبه بالإرث، فمن يمثل هذا النادي يدرك أنه ليس في مكان للعب الكرة فقط، بل أمور أكبر من ذلك.. من يدخل هذا النادي يعرف أنه يمثل بلداً ويرتدي شعار المدينة، قال لي أحد اللاعبين السابقين «فانلة» العين ثقيلة، لا يتحمل أن يرتديها أي لاعب.. ويا ما تعاقد النادي مع لاعبين محليين وأجانب لم يتحملوا الضغط رغم موهبتهم ولم يستمروا.. فالعين وحده حافز وضغط من دون أي مكافآت فوز أو مقابل مادي، وهذا ما يظهر جلياً في المواقف الصعبة والمواجهات الحاسمة، ويكفي مباراة الأمس مثالاً على ذلك حين تمكن الفريق ليس من هزيمة الفريق التونسي بنتيجة ثقيلة فقط، بل أقصاه من المباراة، وحرمه حتى من التسديد على المرمى.. فالترجي في مواجهة الأمس كان مجرد ضيف شرف في المباراة.. وتوقع الكل أنه سيواجه فريقاً ضيف شرف البطولة، لينصدم أنه خرج من الملعب، وعلى جبينه نتيجة لن ينساها سنين طويلة!
فوز العين أعاد لكرة الإمارات ثقتها بنفسها.. أعاد للجماهير روحها، أعاد لكل من بداخله شك بمستوى الكرة لدينا التي هبطت على المستوى النتائج الخارجية، خلال الفترة الماضية، وعلينا جميعاً استثمارها وتحويلها للاستحقاق المقبل في بطولة آسيا.
ويجب نقل هذه المسؤولية إلى الجميع في الفترة المقبلة، ويجب أن يكون هذا الظهور بداية لوجه آخر سيقدمه «الأبيض» في الحدث الكبير.

كلمة أخيرة
في العين الضيف لا تُقدم له القهوة فقط، بل أشياء أخرى أدركها جيداً البعض بالأمس!