أداء شرطي وإنساني ووطني يفوق التصور، لكنه ليس مستغرباً على رجال نذروا أنفسهم لخدمة الإنسان، مواطناً أو مقيماً على حد سواء، إيماناً من هؤلاء البواسل بأن الوطن بحاجة إلى البوارق والطوارق، ولأن الإمارات أصبحت اليوم واحة الطيور المهاجرة، واستراحة للنفس المتشظية، كان من البدهي أن يتصدى رجال شرطة الشارقة لمسؤولياتهم الأخلاقية، بحرفية بالغة النضوج، وبوعي يتجاوز حدود الوظيفة الروتينية، ليصبح العمل الشرطي مهنة المؤمنين بحب الإنسان، ووظيفة المتفانين من أجل رفعة الوطن، وإضاءة نواصيه وجوانبه، بسيرة عطرة لكل من يقف أمام موقف يستحق التضحية من أجل مساعدة المسافر الهندي، وفسح الطريق له، ليصل إلى المطار في الموعد المحدد، كان عملاً جباراً يستحق التحية والإكبار، وما قامت به شرطة الشارقة لأجل المسافر المأزوم، عبَّر بصدق عن قيم هذا المجتمع، ومبادئ أهله، وشيم عشاق العمل الإنساني. لم يحصل مثل هذا الموقف، ولم نسمع به في أي دولة من دول العالم، الأمر الذي يجعلنا نؤمن بأن الاستثنائية صفة هذا البلد، والتميز سمته، ولا نبالغ إذا قلنا إنها تجاوزت حدود الأفق، إذ بلغت مطلع الشمس، وحازت وجه القمر، وتماهت والنجوم في السلوك الاجتماعي، وحققت إنجازها الحضاري، بجهد الذين يعشقون التفوق والذين يسهرون على بلوغ المجد، بكل جدية وحيوية، سعياً منهم لأن تبلغ الإمارات بلوغ السحائب الممطرة، وأن ترتع دوماً في حقول الامتياز من دون منازع، بوازع ديني يدفعها لأن تكون العلامة المميزة في حضارة القرن الحادي والعشرين، متخذة من الإرث العريق مساحة واسعة لتلوين حياة الناس دوماً بالسعادة والإيجابية، ولتكون الإمارات كذلك، فإن الأبناء يضربون المثل في تحقيق أمنيات الناس، وتلبية تطلعاتهم، وإماطة اللثام عن كل ما يتعب ويسغب ليصبح سهلاً طيّعاً.. فاليوم، لا أحد يصعر خده للناس، بل الكل يفترش سجادة التواضع لينعم كل من تطأ قدمه أرض الإمارات بالخير والرفاهية. نقول: شكراً شرطة الشارقة، أسعدتمونا بهذا السلوك الحضاري، وملأتم قلوبنا بالبهجة، ونحن نقرأ الخبر، فتنفرج له أساريرنا، وتتوهج أفئدتنا، وتضاء عقولنا بمصابيح الفرح، والاعتزاز برجالنا الأفذاذ. وهذا التصرف الراقي لهو درس لكل مواطن، سواء أكان في مكان عمل أم في محل تجاري أم في الشارع، فإسعاد الآخرين جزء من سعادتنا، ومساعدتهم خيط الشمس الذي يملأ قلوبنا بالطمأنينة، فلا أحد غريباً في هذا الوطن، الناس جميعاً يعيشون بيننا، كجزء من نسيج المجتمع، وبالتالي فإنهم يحبونه كما نحبه نحن ونجله ونجعله ما بين الرمش والرمش.