تكبرُ روح الفخر في سماء الإمارات عاماً بعد عام. ويأتي الثاني من ديسمبر ليهلّ قمراً على أرواحنا، وشمساً تفرش لنا طريق الضوء الذي حفره الآباء المؤسسون بعرق الصبر، وعزيمة قهر التحدي والمستحيل. كل حجرٍ وضعته يد البناء في هذا الوطن، صار صرحاً يطاول السحاب. كل كلمة قالها زايد، ارتفعت في رحابة عمرنا وصارت تغذينا بالحكمة والمحبة والسموّ. ونحنُ، بشيمة الولاء والوفاء، نحفرُ في دروب المجد كل يوم خطوة جديدة، مدفوعين بالروح نفسها التي غرسها فينا زايد. هذه الروح التي لا تعرف الوهن ساعةً، ولا يلذّ لها إلا أن تعانق المدى، وأن تتمادى في إعمار الأرض بنثر بذور الحب على رملها، وإطلاق نوارس الخير في رحابة بحرها وسماها.
علمنا زايد أن الشعر هو نبعُ الحكمة ولسانها. ومن حِبره العذب، تغذت أقلامنا وراحت تخط قصائد الفخر على جدار الزمن. تزهو القوافي، ويخضرُّ مرعاها إذا انتسبتْ إلى مديحٍ في الوطن. وتبرق القصيدة ويهطلُ غيثها لؤلؤاً إذا فاحت حروفها باسم الإمارات. وما من طائرٍ تهجّى تغريدة الصبح، إلا وفي رفيفهِ توقٌ إلى سماء الإمارات. وما من كوكبٍ تشهّى أن يُكتشف، إلا وفي حنينه أملٌ بمسبار الإمارات. وما من قلمٍ سعى على ورقٍ ليكتبَ مآثر الدهر ويُبدع في وصف رونقها، إلا وكانت الإمارات هدياً له، بربوعها الجنّات، وبصحرائها المغزولة ظلالها بالمعاني، وببكر رمالها وفيافيها.
تعال اقترب أيها الحب. احفر في تربة أجدادنا ولن ترى سوى بذرة الخير تلمع مطلع كل شمس. هي زادنا في الذهاب إلى المستقبل وقد اتخذناهُ حاضراً، وجمّلنا قُدومه بورود الأمل مزروعةً بيد العمل. هكذا تدربنا على التعامل مع الزمن باعتباره الغد الذي نُشيّد صرحهُ بنشيد ماضينا. والطفلُ الذي يولدُ من صُلب هذا الوطن، تُرضعه الأرضُ حليب شموخها ليكبر سداً ضد كل الجهل. وتكون يده ممدودة دائماً للمصافحة والعناق، ويكون قلبه رحباً ويفيض بعشق الحياة معمراً قفارها، وساقياً براعمها وأشجار أمانيها.
تعال اقترب أيها الحب، تجد في وطني نسل امتدادك. هنا على هذه الأرض التي بنى فجرها زايد، تتحدُ أغصان البشر وتتفاهم ألسنتهم. وفي كل صبحٍ، يفيضُ نبعٌ من نور ويضيء أغنية الوجود. وفي كل ليلٍ، تصدحُ النجومُ وترقصُ في زهوٍ، وتهبط من علوٍ لتنهل من عذوبة لحننا.