هناك انتصارات، تتجاوز حدود كونها للمشجع العادي.. انتصارات تبدو للكرة بأسرها ولكل الجماهير.. تهديك الأمل بأن القادم أفضل، وبأن الكرة في بلادك تمضي كما تحب وكما تتمنى.. من تلك الانتصارات - التي لا تأتي كثيراً- ما حققه فريق الكرة بنادي الجزيرة، الذي توج بلقب دوري الخليج العربي، عن جدارة، وحقق استثناءات كثيرة، تحسب له قطعاً، وتضاف لسجلات كرة الإمارات بأسرها. طوال أسابيع عدة مضت، قضيتها خارج البلاد، لم تغادرني البلاد لحظة واحدة، وبحكم المهنة، لم أغب عن مواصلة أحداث وتقلبات الدوري التي كان الجزيرة خارجها طوال الموسم، فقد بدا كمن يعرف الطريق جيداً، وبدا مصراً على تحقيق ما هو أكثر من الوصول للهدف، ولذا لم يكن مستغرباً، وإنْ كان مبهراً، أن يختتم «جزيرة الأحلام»، المسابقة، بهذه الأرقام غير المسبوقة، وفي مقدمتها، وصوله إلى النقطة 68، كأعلى رصيد يتحقق في تاريخ الدوري، ورفع رصيده من الانتصارات إلى 22 مباراة، وهو رقم غير مسبوق أيضاً، وحقق لقب أقوى دفاع بخمسة عشر هدفاً سكنت شباكه في 26 مباراة. أما ما حققه علي مبخوت مهاجم الجزيرة وهداف دوري الخليج، فيمثل ثمرة عطائه، وأيضاً ثمرة عطاء الجزيرة ككل، وإنجاز مبخوت، يعكس قيمة أهم وأعمق، تحسب لمن حوله من اللاعبين الذين ساندوه وتكاتفوا حوله، ليحرز 33 هدفاً، محققاً أعلى معدل تهديفي في تاريخ الدوري ومتفوقاً على الغاني أسامواه جيان، مهاجم العين وهدافه في موسم 2012 - 2013 بـ 31 هدفاً.. يحدث ذلك لمبخوت، بعد سنوات، كنا نبحث فيها عن اسم لاعب مواطن واحد بين هدافي الدوري العشرة، فلا نجد، وإنْ وجدنا، لا يستمرون على حالهم، وهذا في حد ذاته، إنجاز لكرة الإمارات كلها، يعكس تطوراً لافتاً، ويؤسس لمرحلة جديدة، نتمنى أن تطول وأن تسود. أيضاً، يستحق علي خصيف، حارس الجزيرة الأمين، كل التحية، بعد أن قطع 16 مباراة، حافظ خلالها على نظافة شباكه، وكان مع زملائه جميعاً، ركائز الإنجاز الذي تحقق، والذي منح «فخر أبوظبي»، لقباً بطعم ولون مختلف. كل التحية، للاعبي ومدربي وجماهير الجزيرة، والتحية الأكبر للإدارة بقيادة الشيخ محمد بن حمدان بن زايد آل نهيان والتي كانت في كل التفاصيل، وهي التي صنعت التفاصيل، ورعت الحلم، ومهدت الأرض لزرع، أثمر لقباً ليس ككل الألقاب، وإنجازاً سيظل خالداً باسم الجزيرة، وباسم من كانوا هنا في هذا اليوم.. كل من كانوا هنا، مثل ما تحقق .. استثناء. كلمة أخيرة: الأحلام على قدر أصحابها.. لا يحلم بالاستثناء إلا الرائعون.. ولا يحققه إلا النادرون