الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

فضائل شهر شعبان

فضائل شهر شعبان
11 مايو 2017 22:22
الحمد لله، له أسلمت، وبه آمنت، وعليه توكلت، والصلاة والسلام على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد،،، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)، «سورة البقرة: الآية 144». جاء في كتاب صفوة التفاسير للصابوني في تفسير الآية السابقة: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء)، كثيراً ما رأينا تردّد بصرك يا محمد جهة السماء تشوقاً لتحويل القبلة (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا)، أي فلنوجهنك إلى قبلةٍ تحبها، وهي الكعبة - قبلة أبيك إبراهيم، (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)، أي توجه في صلاتك نحو الكعبة المعظمة (وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)، أي وحيثما كنتم أيها المؤمنون فتوجهوا في صلاتكم نحو الكعبة أيضاً (وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ)، أي إن اليهود والنصارى ليعلمون أن هذا التحويل للقبلة حقٌ من عند الله ولكنهم يفتنون الناس بإلقاء الشبهات (وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)، أي لا يخفى عليه شيء من أعمالهم وسيجازيهم عليها، وفيه وعيد وتهديد لهم»، (صفوة التفاسير للصابوني 1/102). من المعلوم أن شهر شعبان الذي نتفيأ ظلاله في هذه الأيام شهر مبارك عظيم، وهو الشهر الذي ينبغي أن يتهيأ فيه المسلم بكثرة الطاعات والصيام استعداداً لاستقبال سيد شهور العام، وجدير بالمسلمين أن يغتنموا فرصته لتحصيل الأجر والثواب وفعل الخير والباقيات الصالحات، حيث إن رسولنا - صلى الله عليه وسلم - كان يُعَظّم هذا الشهر وَيُكْثر فيه من الصوم، تشريعاً للأمة وحثاً لها على التزود من التقوى والهداية والأعمال الصالحة الباقية، كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً)، «سورة الكهف: الآية 46». الحكمة من إكثاره الصيام في شعبان شهر شعبان شهر كريم تُرفع فيه الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى، وهو شهر يغفل عنه الناس، بينما ينشغلون قبله بشهر رجب وبعده بشهر رمضان، لذلك كان رسولنا - صلى الله عليه وسلم - يصوم معظم أيام هذا الشهر، كما جاء في الحديث الشريف عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ قَالَ : «قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْراً مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟! قَالَ : ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَب وَرَمَضَانَ؛ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»، (أخرجه النسائي). شهر شعبان... وتحويل القبلة إن شهر شعبان حافلٌ بالذكريات الإسلامية العظيمة، وفي مقدمتها تحويل القبلة من المسجد الأقصى المبارك بالقدس إلى المسجد الحرام بمكة المكرمة، فقد مكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً وهو يستقبل بيت المقدس، كما جاء في الحديث الشريف عن البراء بن عَزب - رضي الله عنه - قال: «صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ صُرِفْنَا نَحْوَ الْكَعْبَةِ»، (أخرجه مسلم)، وكان رسولنا - صلى الله عليه وسلم - يتمنى أن يأذن الله له في تحويل القبلة إلى الكعبة، ويقلب وجهه في السماء ترقباً لنزول الوحي بذلك وتضرعاً إلى الله عز وجل، فنزلت: (قَدْ نَرَى? تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)، «سورة البقرة: الآية 144»، فَصُرف إلى الكعبة، وفي هذا تكريم من الله سبحانه وتعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم - واستجابة له. ليلة العفو والمغفرة إن ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة جليلة يتجلى الله سبحانه وتعالى فيها على عباده بالرحمة والمغفرة، ففيها تَعُمّ المغفرة، وتهبط الملائكة على أهل الأرض بالرحمة، وتُفتح أبواب السماء، وَيُستجاب الدعاء، ولله فيها عتقاء كثيرون من النار، حيث ينظر الله سبحانه وتعالى إلى عباده، فيغفر للمستغفرين، ويتجاوز عن سيئات التائبين، ويجيب دعوة الصادقين المخلصين، ولا يُحْرَم من عفو الله ورحمته إلا الذين هم على الخطايا مُصِرُّون، كما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ اللهَ لَيطَّلِعُ في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ، فيَغفِرُ لجميع خلْقِهِ، إلا لِمُشْركٍ أو مُشاحِنٍ »، (أخرجه ابن ماجة)، فعلى الإنسان أن يبادر قبل أن تأتي تلك الليلة، فيتبرأ من الشرك ومن الشحناء، ويطهِّر حياته ونفسه وقلبه من كل ذلك، حتى يُدرك مغفرة الله في تلك الليلة بإذنه تبارك وتعالى. فليلة النصف من شعبان مناسبة مباركة كريمة لجمع الشمل وصلة الرحم بين المسلمين، وتقوية أواصر الإخوة بين المؤمنين، وإزالة الأحقاد والبغضاء، والعودة إلى المودة والصفاء، فالتآخي عماد الدين وأساسه، والبغضاء تحلق الدين وتضعف المسلمين، وتفسد الحياة وتقضي على الدنيا والآخرة. هذا هو شهر شعبان بنفحاته الطيبة وبركاته العديدة ومآثره الباقية، فهو توطئة لشهر رمضان المبارك، فعلينا أن نتهيأ فيه لاستقبال سيد الشهور بكثرة الطاعات وكثرة الصيام والتوبة والاستغفار والبعد عن المعاصي والآثام. نسأل الله أن يُبلغنا رمضان... آمين يا رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©