في جزيرة الريم، هناك يكمن حلم الصحة، وابتسامة الحلم، حيث تبدو الوجوه نجوماً مضاءة، بإشراقات ملائكة الرحمن، هنا في الجزيرة الطافية على سطح الماء مثل نورس عملاقة، يفرش مستشفى كليفلاند كلينيك، أجنحة الرحمة، ويسرد للزائرين قصة الحياة السعيدة مشفوعة بابتسامة موردة بالحب وصفاء المشاعر. هنا تستقبلك الوجوه وكأنك سائح مر على حديقة زاهية بالورود والخدود والقدود، وأخلاق الناس الذين يعون معنى كيف تعالج مريضاً وكيف تشفي عليلاً وكيف تخفف ولا تستخف. الأطباء مثل أشرعة بيضاء تسافر بالمريض عبر محيط من الكلام المهذب، والبوح المرتب، فلا تشعر أنك تقابل طبيباً، بل إنك أمام كائن لغوي تأزر بالعلم الطبي، كما تدبر في فهم العلاقة النفسية ما بين المريض وطبيبه. في هذا المستشفى، لا تجد الأطباء مثل غيرهم في بعض مستشفياتنا، الذين لا تميز فيهم بين الفرّاش والممرض والطبيب. في هذا المستشفى للطبيب هيئته ومكانته، وقدرته وميزته، وصفاته وسماته، تبدأ من «الروب» الطبي النظيف اللطيف إلى هالته كطبيب معالج، تحيطه قلادة من المعاونين والممرضين والممرضات الذين يعملون حوله وبه ومعه، كعقارب الساعة، في فحص المريض، وما يتضمنه من أسئلة دقيقة ورقيقة، وأنيقة تدخل في قلب المريض الأمن والطمأنينة. تعودنا في بعض مستشفياتنا، أن المريض يلقى على سرير من عصور بائدة، تصرصر عظامه أكثر مما تصرصر عظام المريض، ويبقى هكذا مسجياً كالميت، في انتظار ما لا يحمد عقباه، ورائحة الممرضة وهي تقيس الضغط أو درجة الحرارة قد تهلك ما تبقى من صحة في جسد المريض. أما هنا، في هذا المستشفى، مستشفى كليفلاند كلينك، هذه المدينة الصحية العامرة بأدوات العلاج، وأسباب الصحة، الأمر مختلف جداً، كل شيء سلس ويمر بسهولة، ولأول مرة في حياتي أدخل مستشفى ولا أشعر بالقلق، لأن الذين يحيطون بالمريض ليسوا «ميكانيكيين» وإنما طاقم طبي محترف، امتهن الطب وهو يعرف أنها مهنة الحب، فطالما أنت تتعامل مع إنسان، فلا بد وأن يجمعكما الحب، حتى تستطيع أن تصل إلى قلبه ومنه إلى علته، فتشفي جسده. حقيقة هذا المستشفى فخرنا وعزنا، فعندما نشاهد المرضى مواطنين ومقيمين، يغادرون البوابة الزجاجية للمستشفى والابتسامة الشفيفة ترتسم على وجوههم، نقول: حفظك الله يا إمارات الشهامة والكرامة، فقد أكرمت وأعززت وملأت قلوب الناس جميعاً حباً وسعادة. لا نبالغ إنْ قلنا إنه لا يوجد بلد في الدنيا، يضع الناس سواسية كأسنان المشط ويوفر كل ما يشفي ويمنع الضرر عن الإنسان. وزيارة لمستشفى كليفلاند كلينك كفيلة بأن تعطي مثالاً لعطاء الإمارات وسخائها، وبذلها كل ما يلزم الإنسان ويهيئ له العيش الهانئ، والحياة السعيدة، فهنيئاً لنا ببلادنا، وهنيئاً لنا بقيادتنا الرشيدة.