تعد مؤسسة فاطمة بنت هزاع الثقافية، امتداداً جميلاً لما قدمت من قبل، من جوائز سخية في قصص الأطفال، لتستمد الثقافة العربية والمحلية منها نبعاً لا ينضب. ورفدتها بالإصدارات الأدبية، والابتكارات والإبداعات التي كان لها الأثر الأجمل في إثراء المحيط الثقافي برمته. وهذه المؤسسة الحديثة، التي تباشرها سموها بنفسها، تعد إضافة مهمة في الشأن الثقافي، بل تعد حاضنة حضارية لافتة، بما تنسجه من صلات بين الحضارتين العربية والأجنبية، وما تغرسه في الأجيال من اكتشاف المواهب، مستمدة من عام زايد كل هذه القيم النبيلة والباهرة في تشجيع الإبداع.
قبل شهر حضرت ورشة عمل في محمية الوثبة، دعت لها المؤسسة، وكان لافتاً بأن العمل الذي يقوم به الصغار هو من الابتكارات الحديثة، فلم يسبق أن تم التصوير، من دون آلة تصوير، وهذا ما حمّس المشاركين للفكرة.. والمحمية نفسها كانت صورة من خيال الطبيعة الجامحة، فتماهت الطبيعة إبداعياً بسحر الصورة، وتناغمت مع ما يوحيه ذلك الإبداع، فانطلقت ورشة العمل بنجاح، لتعيد الضوء المبتكر إلى لوحات فنية تشارك المؤسسة بها في معرض «فن أبوظبي».
فمن أرض محمية الوثبة البكر استمدت أنامل الشباب والفتيات العمل الجاد، وبدأت رحلة التصوير بالضوء، وبدقة متناهية تم تصوير الأشياء التي تعبّر عن أنفسهم، وبدؤوا في تحميض الصور، وطباعتها لتعكس المعنى الحقيقي حين يتجسد فعل الضوء وتأثيره على الصورة التي يتعلّمها الدارس.
الكل استمتع بالطاقة الفنية التي أحدثتها الورشة، وكان الاستمتاع الأجمل بفضاء الطبيعة وخاصيتها، فمنذ زمن جاءت الفكرة من قبل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيّب الله ثراه»، في إقامة محمية للطيور النادرة والفلامنجو، وفعلاً تشعر بالمكان ودفئه الحميمي وبامتداد البصر، وبتناغم الطبيعة بين بحيرات الطيور، وغروب الشمس، وهدوء المكان الذي يطلق عنان الفكر إلى أقصى مداه.
فمن هذا الامتداد الجميل وما يبثه من أفكار، عززت مؤسسة فاطمة بنت هزاع الثقافية مكانتها في معرض «فن أبوظبي»، وبرزت في جناحها لوحات ساحرة راقية، وحضر الفنان العالمي «ستيف كلاود» الذي أتحف الحضور بتصويره المتقن سواء بعمل ورشة التصوير بالضوء، أم من خلال عرض اللوحات الفنية الحديثة، وهي صور تحتوي على قدر كبير من المتعة والروعة، فالفنان ستيف يضع اللوحة أمام المتلقي وكأنه يدخلها إلى ذهنه فلا تغادره.