عالمياً، يعتبر سائقو سيارات الأجرة أدلاء سياحيين غير رسميين، وتشترط الهيئات والشركات العاملة في هذا القطاع إلماماً أساسياً بالمواقع والوجهات السياحية والترفيهية، إلى جانب برامج تثقيفية مستدامة، ليكون سائق التاكسي مؤهلاً للإجابة عن أسئلة السياح، حول المدن ومعالمها الرئيسية، وتاريخها، وعن قصص الأمكنة المختلفة فيها.
محلياً، باتت شركات النقل بالتطبيقات الذكية أكثر انتشاراً في السنوات الماضية، وأضافت إلى شبكة النقل العام في الإمارات خدمات جديدة، على صعيدي السرعة والسهولة، وآليات الدفع وتقييم مستوى الخدمة من الراكب نفسه، ورفع تشغيلها في السوق المحلية مستوى التنافسية في قطاع النقل الفردي، لتتسع الخيارات والحلول أمام المستخدمين، فـ«تاكسي» أبوظبي، و«تاكسي» دبي يوفّران تطبيقات ذكية، لا تقل تقنية وجودة عن شركتي «أوبر» و«كريم» مثلاً.
لكنّنا لا نزال في حاجة إلى تأهيل سائقي سيارات الأجرة على مستوى الدولة، وتزويدهم بالمهارات والمعلومات المتعلقة بالخريطة السياحية والترفيهية في الإمارات، لتكون مهمتهم أبعد من النقل المباشر، فالسائح الذي تجنب وسائل المواصلات العمومية، وتحمّل كلفة إضافية، يحتاج إلى مَن يدلّه أين يذهب، وفقاً لميوله وأهدافه من زيارة بلدنا.
ذلك ونحن وجهة أساسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ونستقبل سنوياً نحو 20 مليون سائح، وحسناً فعلت دائرة النقل في أبوظبي بسماحها لشركة «أوبر» باستئناف العمل في الإمارة، مع اشتراط أن يكون السائقون من المواطنين وأبناء المواطنات، فالعمل وفقاً للتطبيق الهاتفي الذكي، يوفر فرصاً وظيفية مرنة، بدوام جزئي، أو كامل، وباستخدام مركباتهم الخاصة.
الإجراء له أكثر من جانب إيجابي، فهو يوسّع خيارات سكان الإمارة وزائريها في وسائل النقل الآمنة والذكية، ويحقق استراتيجية «مركز النقل المتكامل» في أبوظبي، ويلفت النظر إلى أهمية أن تحقق المشروعات الاستثمارية الأجنبية بعداً وطنياً في إيجاد فرص العمل المناسبة للمواطنين، خصوصاً أن اتفاقية دائرة النقل في إمارة أبوظبي مع شركة «أوبر»، توخت منح المواطنين وأبناء المواطنات أولوية وامتيازاً في هذا السياق.
كذلك، فإن من شأن مثل هذا الإجراء، أن يعزز من جهود الدولة وسياساتها في مواجهة «ثقافة العيب» في العمل، بفتح كافة المهن والوظائف أمام المواطنين وأبناء المواطنات، وقد لمسنا في الأعوام الأخيرة إقبالاً ملحوظاً من الإماراتيين والإماراتيات على العمل في قطاعات لم تكن مألوفة لهم سابقاً.
ومع مزيد من التدريب، سيكون لدينا قريباً أدلاء سياحيون يتجولون في مدننا، وهم أكثر قدرة ومعرفة من سواهم في تاريخ بلادهم، ومعالمها الثقافية، والتراثية، والأثرية، والسياحية، وربما نستطيع تعميم التجربة في أكثر من اتجاه.