الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

لغز الموظف السعيد!

لغز الموظف السعيد!
15 نوفمبر 2018 00:41

أيهما أفضل للمؤسسة، أن يكون موظفوها سعداء؟ أم مضغوطين كي تزيد إنتاجيتهم؟
يرى بعض المديرين أن العصا أقوى تأثيراً من الجزرة.. بدلاً من الحوافز والمكافآت (الجزرة) تكفي الخصومات والتهديدات (العصا) لتحفيز الأداء الأمثل.. أي أن توتر الموظفين وشعورهم بالضغط وعدم الراحة، أفضل لمصلحة العمل!
قام بعض العلماء بدراسة أحوال الموظفين في أحد البنوك (بدراسة نشرت عام 2000 في جورنال أوف مانجمنت) وجدوا فيها شيئاً مثيراً للاهتمام.. وهو أن موظفي هذا المكان، كلما كانوا أكثر سعادة، كانوا أكثر قابلية للاستقالة وترك العمل.. ما العلاقة؟ يقول الباحثون، جيسون شاو وزملاؤه- إن تفاؤل الموظفين وسعادتهم، تجعلهم يحبطون أكثر من جراء عدم التقدير، ويتطلعون للالتحاق بشركة أخرى تعاملهم بشكل أفضل.
فما رأيك في هذا الكلام؟ هل علينا الحد من سعادة الموظفين لنحافظ على استقرار الشركة؟
لفهم عقلية الموظف السعيد، تعال ننظر للأمر من زاوية أخرى.. هناك دراسات علمية كثيرة تؤكد أن سعادة الموظف تحسن كثيراً من أدائه في العمل... فمثلاً، هناك دراسة أجريت في أحد فنادق الشارقة، نشرت عام 2018 في إنترناشونال جورنال أوف كونتمبوراري هوسبيتاليتي مانجمنت، وجد فيها الباحث شاكر بني ملحم وزملاؤه، أن الموظفين الأكثر سعادة من غيرهم، كانوا أكثر إبداعاً في العمل بشكل ملحوظ... أي أن الموظف السعيد الذي يحب مهنته، يتقنها ويبدع فيها أكثر، وهو أمر مفيد للمؤسسة بالطبع!
لكن ما تفسير هذا اللغز؟
هل الموظف السعيد، يفيد المؤسسة أم يضرها؟
حل التناقض
هناك دراسة حديثة كشفت لنا أمراً مهماً يكمل لنا القطعة الناقصة من الصورة..
دراسة متعددة الثقافات، أجريت على موظفين في بيئات مختلفة، في اليابان وفرنسا «منشورة في 2017 بجورنال أوف ستراتيجيك مانجمنت»، وجد فيها الباحثون، ماجنير واتانابي وزملاؤه، نفس النتيجة المعتادة، وهي أن الموظف الأكثر سعادة في حياته، يكون أداؤه الشخصي أكثر تميزاً.. الجديد في الموضوع، هو أنهم اكتشفوا شرطاً مهماً لحدوث ذلك.. وهو أن تتمتع الشركة بالنزاهة المؤسسية، أي أن تراعي المؤسسة موظفيها وتهتم بهم على المستوى الشخصي والإنساني.. أي أن تحب الشركة موظفيها.. وهذا يحل لنا لغز الموظف السعيد!
تعال أقل لك كيف..
يقول العلماء، حسب نظرية تقرير المصير SDT، إن الإنسان الناجح الذي يؤدي مهامه على الوجه الأمثل، يجب أن يكون مدفوعاً بثلاثة حوافز داخلية قوية (الشعور بالكفاءة والاستقلالية والانتماء).. فهل علاقة الموظف السعيد بالشركة تشبع هذه الاحتياجات النفسية أم لا؟ هل تعزز شعوره بالرضا الوظيفي والانتماء المؤسسي، والاستقلالية والقدرة على اتخاذ القرارات المتعلقة بكيفية أدائه لعمله؟ أم تكبت مواهبه وتحبطه؟
الموظف السعيد أكثر حساسية لهذه الأمور من الموظف غير المكترث.. لو كانت شركته تهتم بشؤونه وتتيح له إخراج أفضل ما عنده، سيبدع فيها ويتمسك بها.. لكن إن لم تلبّ هذه الاحتياجات النفسية، سينزعج ويسعى لتركها!
ببساطة: الموظف السعيد سيبدع ويتمسك بشركته، لو كانت تحبه.
هناك حكمة شهيرة منسوبة لستيف جوبز تقول: «نحن لا نوظف الناس كي نقول لهم ما يفعلون، بل نوظف من يفكرون ليقولوا لنا ما علينا فعله» هذا الأسلوب في الإدارة يحفز الدافعية الداخلية للموظفين.. إذ يصبح نجاح الشركة مقترناً برغبتهم الشخصية في تحقيق الذات.. لا مجرد طاعة أوامر غير مقنعة للحصول على راتب، توتر الموظفين وشعورهم المستمر بعدم الأمان، قد يحفزهم مؤقتاً على المدى القصير في المهن التي لا تتضمن إبداعاً وتخطيطاً. العصا قد تجعل الموظف يحرك لك صخرة من مكانها، لكنها لن تجعله يبدع لينحتها تمثالاً جميلاً، أو يبدع في اختراع طريقة مبتكرة لنقلها، أو حتى اكتشاف بدائل توفر على الشركة عناء نقلها! العصا ستنهك قوة الموظف، وتجعلك تخسر طاقته الذهنية وحماسه على المدى الطويل.
من المنطقي أن يستقيل موظف سعيد من الشركة لو كانت سبب شقائه..
فليس من المعقول أن يستقيل موظف من شركة، هي سبب سعادته.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©