قد تكبو، قد تخبو، ولكنها جامحة ومضيئة في كل الأحوال، مهما اشتدت الأهوال، لأنها أمة الصحوة، منذ أن كان العالم في غيبوبة الجهل. اللقاء السعودي المصري، يؤكد أن النوارس لا تغيب عن الشواطئ، حتى وإن هاجت البحار، وماجت الأمواج، واختفى القمر من بطن السماء، فإن هذا الوطن له أقماره المنيرة، وأخباره الأثيرة، وأسراره التي تقر بها العين، وتطمئن النفس، ويخطئ من يتصور أن العروبة أفلت خلف غيوم التفرقة، وأن الأوراق باتت ممزقة، ولا مجال لإعادة المياه إلى قنواتها الصحيحة. يخطئ من يحاول أن يتصيد ويتربص، ويتلصص ليأخذ الحصص من هذا التشقق في الجدران العربية. فنحن أمة قد تتعثر ولكنها لن تتبعثر، ولن تتألق بما يجول في خواطر المغرضين والحاقدين، والذين في قلوبهم مرض وغرض، لقاء الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس عبدالفتاح السيسي، يؤكد من جديد أن السعودية ومصر هما مفتاح الدخول إلى مضائق التحدي، وهما السراج الوهّاج الذي يفتح نافذة النهار للمنطقة، وإزاحة ظلام المتعصبين والانتهازيين، الذين ما فتئوا ينتظرون أي شق في الجدار، حتى يبنوا فيه بيوتهم العنكبوتية، ليشيعوا الخراب واليباب في الوطن العربي، وليحيوا أوهامهم التاريخية على أنقاض أي سراب يعيشونه، ويتورمون من خلاله، والإنسان العربي عندما يشاهد هذه اللقاءات الموشومة بقناعة تامة من أنه لا مجال للعرب غير وحدة الكلمة، لأنها الفريدة في تحقيق المصالح، وحماية المصير والحفاظ على السيادة، هذه اللقاءات بين دولتين كبيرتين، هما القلب والعصب للأمة، والتقاؤهما يعني الذهاب إلى النيل، لغرس أشجار الأمل، للوصول إلى أرض الرسالات السماوية، إيماناً بأن الوطن واحد، والهدف لا شريك له، مهما عصفت الريح، وقصفت التباريح أفئدة القابضين على جمرات الحقد والأسى، فالسعودية ومصر، قادرتان على الصد والرد، وحماية البحر والنهر من أي قهر أو ذعر، والوصول إلى الأهداف، يحتاج منا جميعاً القناعة التامة، والثقة بأننا أمة كأشجار قد تنثني ولكنها لا تموت، ولأننا شعوب ليست طارئة على التاريخ، بل تتكئ على جدران أعلى من كل الشعارات الجوفاء التي تطلق من هنا وهناك، ومن يحلمون أن يصطادوا في المياه العكرة، باءت كل محاولاتهم بالفشل، لأن النبوع ما تزال صافية وسوف تظل هكذا ما بقيت البشرية على قيد الحياة. فنحن باقون، والحاقدون زائلون، لأننا الحقيقة وهم المزيفون، هكذا يقول منطق التاريخ، هكذا ينطق الواقع الحضاري. Ali.AbuAlReesh@alIttihad.ae