اليوم، يحضر الكتاب، موشحاً بخير الكلام، ومعه يحضر الأمل، يحضر الزمن بكل ما فيه من عقل ونقل، وتحضر الأمكنة بأعلام الفرح، فرغم كل الجروح والخفقات والزلات والهنات والويلات، رغم كل ما ابتليت به الأمة، شعث ورثث، يبقى للكتاب بريقه التي يضيء حالك الليالي، مؤكداً أن هذه الأمة، حية نابضة بالحيوية، هي أمة لا تغيب عنها الشمس، مهما تكاثفت الغيوم، وتراكمت الهموم، وتناثرت السموم، لأنها أمة الكتاب الذي تهتدي به وتسير على ضوئه متتبعة مسار الحياة، ما بين الكواكب والنجوم، اليوم، على أرض الخير والحياة والسعادة، أرض الذين شجروا الحياة بأغصان السلام والوئام، والذين أرووا بساتين القلوب برضاب المحبة، اليوم يشرق الكتاب من جهة الإمارات، ليرسل خيوط النور إلى العالمين، مبشراً بغد لا تتعثر فيه الكلمة، ولا تتبعثر فيه الأمة، لأننا بالكتاب نضيء الأمكنة، بحروف نسلها من نسل النجوم، ونثها من ريق الغيوم، وبعثها من روح الذين عشقوا الحياة، ونسقوا فصولها وأصولها، ضمن صفحات، لا يذهب بريقها مهما امتدت بالسنين، المخالب والمثالب، والعواقب، والنواكب، لأن في صلب الصفحات تكمن قصيدة الخلود، وفي قلب الكتب تترعرع رواية الإنسان العربي، وفي لب الكلمات ترفرف أجنحة الطير، وتهفهف أوراق الزهر، وينحني الدهر صاغياً لرنين الصوت الصافي، النابع من تضاريس الأرض العربية، مؤكداً بوحه الصريح بأن الحياة كتاب، نحن الذين نضع الكلمات بين صفحاته، والحياة شجرة، نحن الذين نضع الثمرات على أغصانها، والحياة سماء، نحن الذين نرصع محياها بالنجوم، وأن الحياة محيط، نحن الذين نلون موجاته بالبياض، وأن الحياة زمان، نحن نبضات ساعته، وأن الحياة أقلام نحن حبرها وسرها وخبرها ومبتدأها. اليوم يحضر الكتاب، والوجوه تحضر معه، إشراقتها قرنفلات تعبق المكان والزمان، بالعطور والسرور والحبور، وتلون الحياة بألوان الزهور. اليوم يحضر الكتاب، والأصحاب والأحباب، يحضر الوعي بكل تلافيفه، تحضر الصحوة، لتروغ عن الكاهل متاعب ومساغب، وعذابات الانتظار الممل. اليوم يحضر الكتاب، ومعه يحضر الاحتفاء بالأمل العربي، والأمنيات الكثر، اليوم يغيب كل شيء ويحضر الكتاب، تحضر الأيادي محملة بالإرث الجميل، والأثر النبيل، مخفوقة بحزم، ورزم طبقاتها من أوراق الجذل والبذل، وعرق الذين سهروا لتصحوا النفوس قريرة، هانئة مطمئنة على آتٍ لا تغشاه ريبة، ولا ترجفه غيبة.. اليوم يحضر الكتاب والإمارات مكتبته العملاقة تزخر بخير الذين ألهمونا المعرفة.