عندما تتفق السعودية ومصر، فهذا يعني أن العرب يسيرون إلى الأمام، لذا لم يكن مستغرباً أن تتجه أنظار العالم العربي إلى الرياض يوم أمس عندما حلت طائرة الرئيس السيسي في أرض المملكة العربية السعودية، لترتاح القلوب العربية المخلصة المحبة لهذه الأمة، والتي تريد لها الخير، ولتشقى قلوب لا يريحها إلا إشعال فتيل الاختلاف وافتعال الخلاف بين الدولتين الكبريين في المنطقة. أمس كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في السعودية، وقريباً سيكون الملك سلمان بن عبدالعزيز في مصر، لقاء يتلوه لقاء ولا عزاء للمتربصين، لقاء هدفه وضع مصلحة الأمة العربية نصب أعينهما، فالقائدان العربيان يدركان تماماً حجم المسؤولية الملقاة على عاتقيهما في هذه المرحلة التاريخية الحساسة، فالوطن العربي مستهدف، كما هي مصر والسعودية، واتفاق البلدين الكبيرين والزعيمين العربيين أصبح ضرورة... ومن يرى الاستهداف المباشر لمصر من قبل الجماعات الإرهابية والإخوان يدرك أن الخطر كبير، وهو غير موجّه لمصر فقط، وإنما لكل الدول العربية. كم مِنْ عدو هو في ضيق وكدر من هذا اللقاء، وكم مِنْ خائنٍ وهاربٍ ومتآمرٍ على وطنه يتمنى ألا ينجح هذا الاجتماع وألا يتكرر! هؤلاء هم الصغار وهم الذين يستغلون الخلافات البسيطة لتحويلها إلى أزمات كبيرة، ولكن تصريحات عادل الجبير وزير خارجية المملكة، وكذلك سامح شكري وزير خارجية مصر كانت واضحة بأن علاقة مصر والسعودية قوية وتقوم على أسس متينة وراسخة، وما أكده الجبير بالأمس كان مهماً عندما قال «إن هناك إدراكاً لدى قيادتي البلدين وشعبيهما بأن السعودية ومصر يمثلان جناحين للأمة العربية». وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي تحملت الدولتان مسؤولياتهما تجاه قضايا الأمة، وتدركان أن المرحلة المقبلة لن تكون أسهل من التي مضت وأن المتغيرات الدولية ستتطلب قرارات كبيرة وسريعة، ومن المهم أن يكون العرب مستعدين لها، ومهم أيضاً أن يكون جناحا الأمة متفقين عليها، ويحملان رؤية واحدة تجاه تلك المتغيرات، فمصلحة العرب يجب أن تكون في المقدمة، والمتربصون والمخربون يجب ألا يكون لهم مكان بيننا، وأما الأصدقاء، فعليهم أن يثبتوا صداقتهم بالمواقف، وأما الحلفاء فيجب أن يظهروا صدق وقوة تحالفهم بالأفعال وليس بالأقوال. يستبشر العرب والمسلمون خيراً عندما تجتمع الشقيقتان الكبريان وتطمئن قلوبهم لأن في لقائهما خيراً وما تم الإعلان عنه بالأمس من اتفاق السعودية ومصر على العمل من أجل محاربة الإرهاب أمر مهم جداً، والأهم كذلك هو اتفاقهما على مواجهة التدخلات الخارجية في شؤون العرب... الكل يدرك أننا في نفق مظلم وطويل منذ زمن ونحن بحاجة إلى الخروج منه، واليوم أمامنا فرصة سانحة لا تحتاج إلا إلى شيء واحد وهو أن تكون «كلمة العرب واحدة».