في صباح كل يوم تصلنا رسائل عبر وسائل التواصل المختلفة فتدعو لنا بالخير والتفاؤل والسعادة، فتبدأ عملية التدوير بإرسال رسائل مماثلة، فمن «المنقود» إلكترونياً أن تصلك رسالة فتتجاهلها «يالله بالستر» بعدها الناس فيها مذهب! ولكن على الأصعدة الأخرى يفتقد بعض الناس التواصل الفعَّال فتعمل وسائل التواصل هذه لحجب وجوههم واستبدالها بأقنعة إلكترونية وتعابير مجهول كاتبها وباهتة، ألوانها تسعى دوماً لوضعنا جميعاً تحت مظلة منطقٍ لا ينطق. هكذا تتم التربية الحديثة عبر وسائل ورسائل وأهدافٍ ونوايا وخبائث ودسائس ومواضيع تبدو مقبولة للعقل، لكنها علة له في مواقف ومواقع أخرى. من بين نخبة الجالسين جلس شابٌ وسيم المحيا مشرق الوجه، تدور حوله هالة من الطاقة الإيجابية ونور العارفين، التي كانت في بثٍ مباشر من عينيه بين فتراتٍ وجيزة، ابتسامة تكون تارة جريئة وشجاعة وتارة أخرى خجوله يتملكها الحياء والقيم والمبادئ العريقة. دخل أحدهم إلى حيث كانت المحاضرة بعلبةٍ من الحلويات، وتناقل الحاضرون تلك العلبة بعد أن أخذ كل واحد منهم ما نال إعجاب نظره. وعندما وصلت العلبة إلى الشاب آنف الذكر قام من موقفه وسار بالعلبة نحوي ومد يده بها إلي قائلاً: «تفضلي، لن أنال منه شيئاً قبل أن تشرفيني بأخذ قطعة»، فنظرت للآخرين وقلت لهم: «هل أدركتم الآن لماذا قيادتنا قيادة متميزة؟ لقد كان لكم جميعاً هذه الفرصة ولكن «المول» على الذي يبادر ويفعل!»، طأطأ الجالسون رؤوسهم، وقال أحدهم بصوتٍ مسموع:«نعم دكتورة هم كذلك...دائماً». أما شابنا الوسيم فقد ارتسمت على وجهه علامات الراحة لما قام به من واجب. في يومٍ آخر التقيته في أحد الممرات فقلت له: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته»، فرد التحية بما هو أجمل منها فقلت له:«سيدي الفاضل، هل من الممكن أن تجمعني بسموكم صورة نتشرف بها على مر الأيام»، فقال بتواضعٍ أخجلني: «أنا الذي سأتصور معك.. فنحن نفتخر بك أكثر مما تتصورين»، فتسللت دمعة شقت طريقها من شرايين قلبي، وأقسمت أن أموت في خدمة بلادي، فهناك من يُقدرُ ما أعطيه». للعارفين أقول، الأخلاق لا تعلمنا إياها الرسائل التي تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي، وإن اقترنت بمبادئنا إلا أن العلاقات الإنسانية، وممارسة الأخلاق الحميدة بحاجة ماسة إلى توظيف الذكاء الاجتماعي وممارسته بتلقائية من ركائزها إرثٌ ومجدٌ وتاريخٌ حافل على مشارفه تقف حضارة الإمارات وتراثها. فاتركوا الرسائل وعليكم بالوسائل التي تعمق إنسانيتنا وعناصر استدامة سعادة الوطن.