اليوم مساء سيغلق معرض الكتاب بالشارقة أبوابه. وتلملم دور النشر عشرات الآلاف من الكتب التي اكتظ بها المعرض هائل الاتساع، وتنتهي الفعاليات الجميلة في تنوعها المدهش، لكن أبداً لن تنطفئ الشموع التي أضاءت عقول الناس الذين ارتادوا المعرض وتجولوا بين طرقاته وشاهدوا الكتب بتعدد مجالاتها واختصاصاتها الأدبية والثقافية والعلمية والتاريخية والفنية، وانتقوا ما يناسب اختصاصاتهم وميولهم ورغبتهم في مزيد من المعرفة في المجالات المتعددة للحياة، وتطور الذات للخروج من المألوف والسائد، وإلى جانب هذا فقد أوجد معرض الكتاب مناخاً اجتماعياً حميمياً وطيباً. ففي مقاهي الأنشطة الثقافية، وفي حضور الفعاليات المتنوعة، التقى أصدقاء باعدت بينهم سبل العيش وظروف الحياة، واكتسبت فيه صداقات جديدة، وعرف الكثيرون منهم أن أصدقاء لهم من بلدان مختلفة يقيمون حيث يقيمون هم، ودارت فيه أحاديث تناولت شتى وقائع الحياة اليومية بمضامينها المتعددة، وتبادلوا فيه العناوين وأرقام الهواتف. وأصبح من خلال المعرض لكل فرد رقعة معرفية وإنسانية أوسع وأشمل.
إلى ذلك كان معرض الكتاب مناسبة سنوية لمعرفة المستجد من الكتب التي تتناول موضوعات الحياة، ومعارف الكون والكائنات وعلوم نشأتها وطبائعها، فمن توصيف مسيرة الإنسان التاريخية، إلى التوغل في أسرار الكون. وطاقات عقله المبدع، وكل ما له صلة بحياته في تجلياتها وأسرارها ونتائجها قريبة أو بعيدة، عبر كتب عربية ومترجمة من لغات الشعوب، وكتب بلغات متعددة كاليابانية والإنجليزية وغيرها، والكثير الكثير الذي سيظل بؤرة إضاءة ودليل معرفة وتنويرٍ ووعي أكثر انتباهاً للحياة في تنوعها وتجددها. إن معرض الكتاب السنوي يصبح مصدراً هاماً وضرورياً للطفل والطالب في مختلف توجهاته الدراسية، وللكاتب في مختلف توجهاته وممارساته التأليفية. وللباحث والروائي والشاعر والصحفي والزارع والمعماري.. إلخ من التخصصات التي ينهض بها الإنسان في كل مكان وزمان، فمعرض الكتاب السنوي ليس توفيراً للكتاب الذي أصبح نادر الوجود في متاجر المكتبات والقرطاسيات المنتشرة فقط، بل تعويض الإنسان المحب للقراءة من أجل تطور ثقافته واستنارة عقله المنشغل دوماً في تلبية شروط العيش، والشغف بالتسوق وشراء السلع المتنوعة التي أصبحت سيدة المسار اليومي، فرسالة معرض الكتاب إذن، وإن كان سنوياً، هي الرسالة الكريمة الخالدة في الشارقة الحبيبة المضيئة دوماً بأنوار المبدع صاحب السمو حاكم الشارقة، من أجل تنشيط وإيقاظ الوعي المعرفي الذي يجعل مسيرة الإنسان في الحياة أكثر تقدماً واستنارة وكشفاً.