الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

القوة الناعمة للإمارات.. وثبة نحو المستقبل

القوة الناعمة للإمارات.. وثبة نحو المستقبل
8 نوفمبر 2018 00:35

أحمد النجار (دبي)

تمد الإمارات أذرعها الثقافية والفنية والسياحية التي تراهن على تأثيرها الثقافي في حياة الشعوب، مما يحقق معادلة «القوة الناعمة»، التي صاغ مفهومها جوزيف ناي من جامعة هارفارد لوصف القدرة على الجذب دون الإكراه أو استخدام القوة وسيلة للإقناع، وذلك في كتاب صدر له عام 1990 بعنوان «مُقدرة للقيادة: الطبيعة المتغيرة للقوة الأميركية»، ثم طور المفهوم في كتابه عام 2004 بعنوان «القوة الناعمة: وسائل النجاح في السياسة الدولية»، داعياً إلى أن تكون للدولة قوة روحية ومعنوية من خلال ما تجسده من مبادئ وأخلاق، بالإضافة إلى دعمها مجالات حقوق الإنسان والبنية التحتية والثقافة والفن.
وأكد أكاديميون ومختصون حرص الإمارات منذ بداياتها على تطوير علاقاتها الخارجية وتقوية أواصر التعاون الدولي، وبناء شبكة علاقات دولية تركز على التبادل الثقافي والانفتاح الحضاري، وقد تمكنت من رسم خريطة القوة الناعمة، و تحديد مكانتها على طريق العالمية، استناداً إلى استراتيجية ثقافية مستدامة تشكل محطة انطلاق وتعكس الصورة الطموحة لمستقبل الدولة وتطلعاتها.
وأوضحوا أن قوّة الدول لا تُقاس بمساحتها ولا بعدد سكانها، وإنما بمدى ما تحدثه من تأثير في الحياة، وما تحققه من إنجازات في خدمة البشرية وتطورها، ولذلك عملت الإمارات منذ قيامها على بناء وتعزيز العنصر البشري، مؤكدين أن هُناك مفاعيل متعددة التأثير والحضور تنطلق من اقتصاد متين وتنمية مستدامة وثقافة عالمية وسياحة مزدهرة، وأن دولة الإمارات تُسابق العالم بذكائها العابر للزمن، وتؤمن بأن تأثير القيم يفوق تأثير المال وأدوات النفوذ الأخرى، وأنها وضعت بصمات في نسيج المجتمع العالمي.
وصنف باحثون ومفكرون الإمارات بأنها دولة «النموذج الحلم»، استناداً إلى علامات ثقافية رائدة ومشاريع سياحية مبهرة ونماذج ترفيهية سحرت حواس العالم، وإذا سألت أحداً في بلد ما، عن سمعة الإمارات من وجهة نظره وصورتها في وعيه، يخبرك على الفور، بأنها بلد وزارتي السعادة والتسامح، وعاصمة العالم الإنسانية، صاحبة الأيادي البيضاء في منظومة «التطوع والعطاء واليد الممدودة دائماً بالإعانة».

قالت باسمة يونس المستشار الثقافي في وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، إن الثقافة الإماراتية وصلت للعالمية، حيث تغلغلت في نسيج المجتمعات بجهود القيادة الحكيمة، التي بدأت مسيرة الدولة بالتوازي مع بناء الإنسان بالتعليم والثقافة استناداً إلى علاقتهما الوطيدة بصحة الإنسان الجسدية والنفسية والفكرية، وتمكنت من رسم خريطة القوة الناعمة، ووضع الإمارات على طريق العالمية، موضحة أن هذا النجاح يرجع إلى استراتيجية ثقافية مستدامة تشكل محطة انطلاق وتعكس الصورة الطموحة لمستقبل الدولة وتطلعاتها.
وفي تأكيد على تلك الإنجازات الناعمة، أوضحت أن الثمار كثيرة، تتجلى من خلال استضافة الإمارات لأهم الفعاليات الثقافية العالمية مثل إكسبو والأولمبياد والبينالي ومهرجانات المسارح والسينما والقمة الحكومية والعروض الأوبرالية والجوائز الثقافية الكبرى والموهوبين في المجالات كافة، بالإضافة إلى أقوى العلامات التجارية في الأزياء والديكور والمجوهرات.

الابتكار والإبداع
وأضافت: يشمخ في سماء هذه القوة الناعمة أكثر من معلم، بدءاً من الرموز الثقافية بأبوظبي إلى الحديثة والمبتكرة التي لا تزال دبي تفاجئ بها العالم، وهي تفتح ذراعيها لاحتضان العالم في مدينة. أما معرض الشارقة الدولي للكتاب، فقد بدأ صرحاً طامحاً لمستقبل أكبر من الحلم، وها هو اليوم يحقق أعلى النسب في الابتكار والإبداع والحضور والمفاجآت الثقافية، متحولاً من معرض للكتب إلى جزء من مشروع ثقافي ملفت وراسخ بقوة، ناهيك عما قدمته الإمارات من نجاحات باحتضانها جوائز عالمية، مثل جائزة البوكر وجائزة الشيخ زايد للكتاب، وغيرهما من جوائز المسيرة الثقافية، وصولاً إلى بينالي الشارقة ومهرجانات المسرح التي تتجاوز السبعة مهرجانات وتحدي القراءة الذي جمع أبناء العالم العربي حول كتاب وربط بين قلوبهم في مشروع يسعى لصناعة إنسان مفكر ومثقف وآمن نفسياً.

مسبار الأمل وإكسبو 2020
علي عبيد الهاملي نائب رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم بدبي، قال: إن الدولة استوعبت منذ قيامها أن قوّة الدول لا تُقاس بمساحتها ولا بعدد سكانها، وإنما بمدى ما تحدثه من تأثير في الحياة، وما تحققه من إنجازات في خدمة البشرية وتطورها، ولذلك عملت الإمارات منذ قيامها على بناء وتعزيز العنصر البشري بكونه أساس كل تنمية مستدامة هدفها خدمة الحضارة الإنسانية، وقد ظهرت نتائج هذا العمل في رؤية إنسان إماراتي فاعل، يسهم في تقدم العالم من النواحي العلمية والثقافية والإنسانية، وليس أدل على ذلك من السعي للوصول إلى المريخ بواسطة «مسبار الأمل» للإسهام في الأبحاث العلمية التي تعمل على خدمة البشرية.
ولفت إلى أن هذه الجهود عكست صورة جميلة ومشرفة عن وجه الإمارات الحضاري، والذي يكمل الوجوه الأخرى التي تشكل الصورة النهائية عن دولة متقدمة ثقافياً وعلمياً واقتصادياً وعمرانياً، تحتل موقعاً متقدماً في مجال التنافسية الدولية، وأصبحت حصاناً رابحاً في كل المنافسات التي تخوضها، وتتصدر المحافل الدولية، وتنافس على المراكز الأولى، وتنظم المؤتمرات والملتقيات الكبرى، وتقيم المعارض الدولية، منها الفوز بتنظيم معرض «إكسبو 2020».

عبدالله سالم العامري، مستشار قطاع الفنون في دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، قال إن هُناك مفاعيل متعددة التأثير والحضور للقوة الناعمة الإماراتية، تنطلق من اقتصاد متين وتنمية مستدامة وثقافة عالمية وسياحة ناهضة ومزدهرة، تلك أبرز عناصر القبضة الناعمة التي حققتها الإمارات، وأطلقت أذرعها إلى العالم عبر مفاتيح التأثير في وجدان الشعوب بالقيم والفنون والمسرح والسينما وسيناريو الإبهار والتراث ومشاريعها الثقافية والتنموية الكبرى، التي تعكس صورتها «قوة عظمى ناعمة» بدبلوماسية ثقافية وفكرية لها امتدادات وجدانية.. وتهدف في جوهرها إلى ترسيخ الحضور الثقافي الإماراتي على الصعيدين العربي والعالمي كأولوية من أولوياتها، فلا يشكك اثنان بأن الإمارات، خاصة في أبوظبي تمتلك أكبر المشاريع الثقافية في منطقة الشرق الأوسط، التي تمثل إشعاعاً حضارياً وتنويرياً.
رسالة السلام
وأضاف العامري: لأجنحة الثقافة والفنون في أبوظبي، امتدادات وأذرع ناعمة في التأثير الإيجابي الهادف، بوصفها المعادل الموازي لكل القوى التقليدية، وبكونها تهدف في جوهرها إلى نشر قيم التسامح والانفتاح على الآخر ورسالة السلام عبر حوار إنساني وثقافي مع الشعوب، حيث يشكل معرض أبوظبي الدولي للكتاب منصة ثقافية تمد جسور التلاقي والتواصل، وتطرح النقاش المستجد حول الواقع الثقافي العربي والعالمي، وهناك مشاريع مضيئة طبعت بصمات واضحة في وجدان الشعوب، منها متحف اللوفر في أبوظبي، أحد أقوى الصروح الثقافية والفنية، التي شكلت رابطاً بين الثقافة العربية ودول العالم، وفتحت باباً في عالم الاستثمار العولمي بالفن والإبداع، ووضعت الإمارات كقطب ثقافي مؤثر يحقق لها التوهج والحضور كوجهة ساطعة في صدارة الدول التي تمتلك عملة ثقافية نادرة، كما حققت دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي عبر مشاريع جزيرتي السعديات وياس وغيرهما صيتاً عالمياً، بالإضافة إلى الأسابيع الثقافية وأهميتها في الترويج للثقافة والتراث، ودورها المهم في تطوير الصناعات الإبداعية وصقل المواهب الوطنية.

الفنان والباحث الإماراتي علي العبدان، أشار إلى أن أمر ازدهار الثقافة الإماراتية ونموها الفكري والإبداعي وانطلاقتها القوية إلى جغرافيات شاسعة، يعود إلى فترة الستينيات، فقد وجد الناس في الثقافة قيمة فكرية ومعنوية بعد سنوات شقاء بدني في الغوص والترحال، وكان الشعر ملاذهم، ثم أتت الفنون البصرية في أواخر الثمانينيات، موضحاً أن المشاريع الثقافية المحلية تمثل إشعاعاً حضارياً وثقافياً يضيء حياة الشعوب، وليست تلك العلامات الثقافية وحدها، القوة الناعمة للدولة، فهناك الكثير من الأفراد يمثلون حراس هذه القوة وسفراء القيم والتراث الحضاري والثقافي إلى العالم.. فالقوة الناعمة تعتمد على الكادر البشري القادر على صناعة الفارق وإحداث التأثير على الآخر.

حاجز منيع وتحصين الإنسانية
الفرنسي موريس أركوني مدير مركز الفنون البصرية بباريس، تحدث عن انعكاسات تجربة الفنون والثقافة في الإمارات، حيث يرى أن هناك دولاً كثيرة صنعت جذباً حضارياً عبر ذراع الثقافة والفنون، وكانت لها امتدادات إنسانية في صقل العقول وتهذيب القلوب، وبث روح الأمل وتحصين الإنسان من التخلف والتطرف، حيث تمثل الثقافة والمعرفة حائط الصد لتلك الأفكار، وهي حاجز منيع لتحقيق الأمان والتنمية المستدامة للشعوب.
موريس بصفته رساماً ومصوراً فوتوغرافياً ونحاتاً، أشار إلى مشاريع ريادية ومهرجانات فنون بصرية ترعاها الإمارات وتقدمها للعالم، وحققت من خلالها بريقاً عالمياً لمس تأثيرها في بلاده، مثل: جائزة حمدان بن محمد للتصوير الضوئي، وبينالي الشارقة، ومهرجان دبي كانفس، ومهرجان الشارقة للموسيقى العالمية، وأيام الشارقة التراثية المسرحية التي تتحول إلى مدن مصغرة لتلاقي الخبرات وتبادل الأفكار والمخزون المعرفي والإنساني للشعوب.
وأكد علي خليفة بن ثالث، الأمين العام لجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي أن بعض الجوائز الدولية قد تتحوّل إلى مدنٍ مُصغّرة لتلاقي الخبرات وتبادل الأفكار والمخزون الثقافي والمعرفي والإنساني بين الشعوب، وتُمثّل نوعاً من الدبلوماسية الناعمة التي تمدّ يد التواصل البصري المثقّف لتصنع التأثير الفنيّ الأنيق الذي ينعكس على مساحات تعزيز التواصل والترابط، وخلق مناخٍ تفاعليّ مُفعم بالحياة.

وثائق ثقافية
وقال: هُناك مشاريع ثقافية فاعلة أسهمت في الترويج لسمعة الإمارات ثقافياً وفنياً، فمنها على سبيل المثال معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي يشكل قوّة ناعمة في نسيج الثقافة العربية والعالمية، فقد تم تصنيف معرض الشارقة الدولي للكتاب كواحد من أفضل أربعة معارض للكتاب على مستوى العالم عام 2013، كما حققت «دبي أوبرا» الصرح الثقافي والفني في إمارة دبي صيتاً عالمياً مهماً، باحتضانها أهم العروض العالمية على الإطلاق، وهناك مهرجان دبي السينمائي، الذي قدم خدمات جليلة للسينما العربية والمحلية، ومثل منصة عالمية لدعم صانع الأفلام الإماراتي وورشة لصقل المواهب العربية الشابة، ودعم أفكار أفلامهم التي تنطلق من واقع مجتمعاتهم لتطرق على وتر المشاعر الإنسانية، وبينالي الشارقة الدولي للفنون، الذي يحتضن أعمال رواد الفن العالمي في التشكيل والصور والتصميم وغيرها، ويوصف بأنه «مدرسة في الفن المعاصر»، وله صيت عالمي بالنظر إلى استقطابه فنانين ومثقفين ومبدعين من كل مكان، وكذلك يمثل مهرجان الشارقة للموسيقى العالمية حالة ثقافية ملهمة، وهناك إشعاعات كبيرة في جانب أدب الطفل، انفردت بها الإمارات لمخاطبة الطفل العربي.

منارة عالمية
شكلت «العلامات الثقافية المحلية» في رأي ناصر عراق الكاتب الروائي والباحث الثقافي، «مظلة عالمية» لكل المبدعين والمثقفين من الشرق إلى الغرب، حيث أوضح أن تلك «البراندات» الثقافية والفنية المحلية أشاعت حيوية واضحة في حياتنا، حيث ارتبط بها كثيرون من شباب العالم ومثقفيه المرموقين، وينتظرونها بشغف من موسم لآخر، خاصة مع إعلان أسماء الفائزين في الجوائز، مثل: جائزة البوكر للرواية العربية، وجائزة الشيخ زايد للكتاب، الأمر الذي انعكس على تعزيز فن الرواية سواء من حيث ازدياد عدد القراء الذين يقبلون على قراءة الروايات الجديدة، أو من حيث تطوير الإنتاج الروائي والتجويد فيه من قبل الكتاب، أو في مجالات الإبداع الأخرى، كما استطاع متحف اللوفر أن يلفت أنظار كل من يسكن كوكبنا العامر بالبشر، وهكذا صار هذا المتحف منارة عالمية يحج إليها كل عاشق للفن الجميل والإبداع المتفرد، وتلعب الثقافة والإبداع والفكر دوراً مؤثراً في تقدم الأمم وازدهارها، كما تسهم في تسديد ضربات قاصمة للأفكار المتطرفة والآراء الكارهة للناس والحياة، فضلاً عن أن تلك العلامات الرائدة عالمياً بما تحمله من إبداعات متميزة وتصورات شاملة للكون تغرس في صدور الشباب فضيلة التسامح والتعامل المرن مع كل فكرة أو رأي.

عاصمة مؤثرة بمشاريع تنويرية
قال الإعلامي والمثقف السعودي د. سليمان الهتلان إن الإمارات تقود مشروعاً ثقافياً حضارياً إنسانياً تنويرياً، يخدم الحراك الثقافي ليس فقط في الإمارات وحدها، بل في العالم العربي بكامله، فأبوظبي تشكل عاصمة ثقافية حضارية، ولا نبالغ بكونها عالمية بما تستضيفه من فعاليات ومهرجانات، وهذا البعد الثقافي الإنساني يصاحبه جهد كبير في صناعة خطاب عربي جديد متصالح مع العصر ومنسجم مع تحديات الحاضر والمستقبل، خطاب يرفض التطرف والأحادية، خطاب تنويري يعبر عن روح التسامح والتعددية والتنوع الثقافي والفكري والتنموي في الإمارات، وهذا ما يتطلبه التخطيط للمستقبل أن نكون جزءاً من هذا العالم بوعي وانفتاح متزن.
وأَضاف: طبيعي جداً أن يؤثر باستمراريته وانتظامه على الصورة الكبرى للإمارات، فليست دولة سياحة ونفط فقط، وإنها هي لاعب رئيس في الحراكات الثقافية والتنموية الكبرى، فعلى سبيل المثال، فإن الجوائز ومعارض الكتاب وجائزة الرواية والمتاحف والمهرجانات وكل الفعاليات والمؤسسات الإعلامية الموجودة في أبوظبي ودبي، هي أيضاً تصنع الخطاب الإعلامي الجديد المهم لشباب منطقتنا. واليوم البلدان لا تقاس بمواردها الاقتصادية، وإنما بفعالياتها وحضورها وبقيادتها لمشاريع تنويرية حضارية، والإمارات بهذه المشاريع تخطط للمستقبل وتستثمر بوعي، إيماناً بأن الحراك الثقافي والحضاري من مصادر القوة الجديدة في المستقبل القريب، ويحسب للإمارات أنها سباقة في هذا المجال، وقد بدأنا في المنطقة، نجني ثمار ذلك من خلال فعاليات ومهرجانات مستمرة، تفتح أبواباً للتفكير الجيد للإنتاج والإبداع والاستثمار والابتكار.

بلادنا.. بستان تزدهر فيه القيم
قليلة هي الدول التي تجيد بناء قوتها الناعمة عبر أدواتها الثقافية وعلاماتها الريادية ومواردها المجتمعية وعناصر الترفيه الجاذبة التي تسطع من بيئتها المحلية، لتمثل إشعاعاً تنويرياً وإلهاماً يخاطب العقول ويكسب القلوب وتقود من وراء الحدود دفة مبادراتها المدنية وفكرها الإنساني العابر للقارات في نشر قيم التسامح وتصدير قيم التآخي واحترام الآخر بما يتناغم مع مبتغاها ورسم صورة براقة عن السمعة الطيبة لشعبها وترسيخ حضورها ومكانتها في وجدان الشعوب، حيث قالت أسماء الزرعوني، شاعرة وروائية ورئيسة قسم الثقافة الوطنية في مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، إن الإمارات لا تمتلك أي أجندات من وراء مفاعيل تأثيرها وحضورها العالمي سوى خلق مناخ السلام وتعزيز جاذبية الدولة لخدمة الإنسانية فكراً وفناً وتراثاً وأخلاقاً وقيماً نبيلة، وقد تستغل أحياناً تلك الدبلوماسية الرشيقة لتكون شريكاً فاعلاً في حل الأزمات والإغاثة ومساعدة الشعوب الفقيرة، ودعم قضايا الإنسان عبر أذرعها الخيرية التي تكافح الفقر وتدعم التعليم، توظف دورها الإقليمي المؤثر، فهي تشيع ثقافة النور والتنوير، وتصنع الأمل.
وأضافت: نسعى دائماً أن حصد الرقم الصعب في الثقافة، فالإمارات صنعت معجزة تنموية تحدت بها العالم وشكلت إطار عمل متكامل من خلال القوة الناعمة.

زكي نسيبة: الدبلوماسية الثقافية نسيج المجتمعات
قال معالي الدكتور زكي نسيبة، وزير دولة، إن دولة الإمارات، حريصة منذ بداياتها على تطوير علاقاتها الخارجية وتقوية أواصر التعاون الدولي، انسجاماً مع رؤية الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في بناء شبكة علاقات دولية تركز على التبادل الثقافي والانفتاح الحضاري على شعوب العالم كافة مع الاحتفاظ بجوهر تراثها وقيمها الأصيلة، وعلى خطى الشيخ زايد، استمرت الإمارات في صياغة سياستها الخارجية عبر دبلوماسية القوة الناعمة للثقافة بصفتها الأداة المؤثرة في نسيج المجتمعات، وبالفعل نجحت في تجنيد الثقافة لخدمة قوتها الناعمة عبر بناء جسور صداقات وتوطيد علاقات من الشرق إلى الغرب.
«ومن منطلق منصبه المنوط به تطوير إدارة الدبلوماسية العامة والثقافية، أشار معاليه إلى أن الدور الذي تلعبه وزارة الخارجية والتعاون الدولي، قائم على إدارة الدبلوماسية الثقافية التي تهدف في جوهرها إلى تنفيذ ورسم سياسة ثقافية ملهمة تتماهى مع استراتيجية الدولة وقيادة دفة علاقاتها مع الشعوب، عن طريق التنسيق مع الكثير من الفاعلين في الثقافة والفنون سواء في جهات محلية واتحادية ومواءمتها مع البرامج والقيم العليا للدولة وتمريريها عبر شبكة واسعة من سفارات الدولة، لتتحول المنابر الدبلوماسية إلى مركز إشعاع ثقافي وتنوير حضاري لبناء صداقات مثمرة مع مجتمعات العالم عبر بوابة الثقافة وأدوات الفنون التي تحقق قوة ناعمة في الحضور والتأثير، فضلاً عن تركيز الاهتمام على دعم كل السفراء والدبلوماسيين وتأهيلهم في إدارة مهامهم وترجمة الأهداف والرؤى المرسومة عن طريق أكاديمية الإمارات الدبلوماسية.

قِبلة الأحداث الرياضية
أسهمت الرياضة بشعبيتها الكبيرة في تعزيز القوة الناعمة للإمارات من خلال تنظيم الأحداث الكبرى، وقد نجحت الإمارات في استضافة كأس أمم آسيا عام 1996 وقدمت نسخة استثنائية، وبطولة كأس العالم للشباب في عام 2003 وأبهرت الجميع، ولم تمض أكثر من 6 سنوات حتى كانت أبوظبي في عام 2009 وعام 2010 على الموعد مع استضافة كأس العالم للأندية. وكان شتاء عام 2013 نقطة تحول مهمة في تعظيم المكاسب الرياضية الإماراتية من استضافتها لكأس العالم للناشئين التي شارك فيها 24 منتخباً في 6 مدن مختلفة بالدولة. وبعد 4 أعوام كانت أبوظبي الاختيار الأمثل للفيفا في إسناد تنظيم نسختين إضافيتين من كأس العالم للأندية لها، عامي 2017 و2018، وأسندت لها تنظيم أمم آسيا في يناير المقبل، وإلى جانب كرة القدم، جولات الفورمولا 1 في جائزة الاتحاد الكبرى، وكأس دبي العالمي للخيول العربية الأصيلة، وأبوظبي العالمية لمحترفي الجوجيتسو. وساهمت الرياضة في تعزيز القوة الناعمة بإنجازات عالمية، منها حصول الشيخ أحمد بن حشر آل مكتوم على ذهبية الرماية في الدورة الأولمبية عام 2008، وصعود المنتخب الوطني لنهائيات كأس العالم بإيطاليا عام 90، وتأهل منتخب الشباب لدور الثمانية في كأس العالم عام 2003.

الفنون لغة سلام
حمد علي السويدي، نموذج للطالب الطموح، من الذين يؤمنون بالثقافة كقوة ناعمة قادرة على ترسيخ صورة مشرقة عن الإمارات حاضنة القلوب والشعوب وراعية الفنون والتسامح والإنسانية، أما الأكاديمي الإماراتي محمد العلي، فقال إن الهدف الأسمى والطموح النبيل الذي تسعى إليه الإمارات عبر مفاعيل الثقافة والفنون يكمن في تجويد الثقافة وتجنيد الفنون في خدمة القيم الحقيقية للتغيير الإيجابي وصناعة المستقبل المزهر للإنسانية، وتحقيق الاستقرار والسلم العالمي من خلال نشر المعرفة والاحتفاء بها ورعايتها، لقيم الاحترام والتسامح في سبيل سعادة الإنسان ورخائه، كما أنها تمثل برقية ثقافية وحضارية تنقل من خلالها رسائل الفكر والقيم والهوية والإبداع إلى شعوب العالم كافة.
وأشار إلى أن طموح الارتباط بالعالم وتحرير العقل البشري والاستثمار في المعرفة وتوظيف الثقافة لخدمة الشعوب، وصناعة خطاب ثقافي مؤثر في مواجهة فكر الظلام، واستثمار سلطة الفنون كلغة سلام تعكس إشراقات الحضارة العربية والإسلامية ويمنحها البريق الذي تستحقه.

راعية الطفولة في العالم
قال عمران حسن صاحب دار نشر مغربية، إن الإمارات راعية للطفولة، حيث صدرت للعالم علامات فارقة جذبت إليها الملايين، وصنعت قوة مؤثرة في حياة الشعوب، من خلال مشاريع ثقافية وترفيهية، منها مجلة «ماجد» التي تصدر من «أبوظبي للإعلام»، ومهرجان الإمارات لمسرح الطفل، ومهرجان سينما الطفل بالشارقة ومعرض الشارقة القرائي للطفل، اللذين يقدمان محتوى عصرياً يخاطب خيال الطفل، ويستهدف تكوين مداركه وتنمية معارفه ومواكبة همومه، وفي مجال الترفيه، وهناك العديد من العلامات الترفيهية أهمها ياس وتروورلد، عالم فيري، وارنر براذرز في أبوظبي، وعالم مدهش في دبي.

كلمة السر
أكد أكاديميون ومتخصصون في التنمية البشرية، أن صناعة الكادر المؤثر، هي كلمة السر في نجاح العلامات المحلية التي حققت الحضور العالمي، فالإنسان سفير القوة الناعمة، ولا يخفى على الجميع أن هناك عباقرة ومبتكرين ومبدعين إماراتيين حط منجزهم الفني والثقافي في فضاء العالمية، وأصبحوا خير من يمثل الدولة، ويُسهمون في الترويج لسمعتها وإعلاء مكانتها وترسيخ قيمها في مختلف القطاعات والمجالات.

اقرأ أيضاً.. الإمارات.. أصالة وحداثة.. قوة المعرفة وسيادة الثقافة

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©