أتمنى أن نلمس حماس مفتشي بلدية أبوظبي فيما يتعلق بمستوى الالتزام بالمعايير التي حددتها للسكن المشترك في الفلل والبنايات، بذات الحماس والسرعة التي يتحركون بها لتحرير المخالفات عند رصدهم قليلاً من الغبار على أي مركبة متوقفة في المناطق السكنية، وغيرها من مناطق المدينة، بحجة تشوية المظهر الجمالي.
في مناطق غير بعيدة عن المقر الرئيس لبلدية أبوظبي توجد بنايات وفلل، كانت تستخدم كمدارس أو مجمع شركات، وعندما أُلغيت تصاريح هذه النوعية من المدارس في تلك المقار، تقدم مستثمرون لاستغلالها وحولوها لوحدات سكنية مقسمة، عندما تقترب من أي منها تستغرب لكثرة ما فيها من البشر من مختلف دول العالم. لم يتركوا مساحة إلا واستغلوها، لدرجة أن أسطح تلك البنايات والفلل تحولت لسكن ونادٍ مفتوح في آن واحد. مع كل ما يمثله ذلك من ضغط على الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء والتخلص من النفايات في مناطق باتت تشهد بين فترة وأخرى انقطاعاً للتيار الكهربائي. بعض هذه البنايات والفلل، ولضمان عدم دخول المفتشين أو من غير سكانها، وضعت رقماً سرياً عند بواباتها لا يعرفه إلا القاطنون فيها!!.
ومن داخل جزيرة أبوظبي إلى خارجها، حيث كانت البلدية قد سمحت لأصحاب البيوت الشعبية ببناء إضافات لتأجيرها والاستفادة منها، واقترض الكثيرون منهم لأجل ذلك، وفجأة قررت البلدية عدم توثيق عقود البيوت المقسمة على ذلك النحو، مما أربك الملاك، وتسبب في عزوف المستأجرين عنها، وخلق عدم توازن في السوق، والذي أثر على الملاك بالدرجة الأولى قبل المستأجرين الذين اتجهوا إلى بدائل أخرى، وتعتمد بالصورة الأولى على البيوت المقسمة التي تفتقر إلى الكثير من معايير الحياة الصحية، وهناك فئات منهم لا تكترث لموضوع «التوثيق»، لأنها اعتادت الالتفاف على الأنظمة والقوانين. وبدلاً من حل القضية ظهرت حلول مشوهة لواقع يتطلب من البلدية عدم التعامل مع ما يجري بحلول ترقيعية أو بمعايير مختلفة، ففي مكان قد نجد البلدية تركز وتكثف الحملات التفتيشية على الظاهرة، وفي منطقة أخرى قد تتركها تتفاقم بصورة مزعجة كتلك الأمثلة التي أوردتها عن مناطق لا تبعد كثيراً عن مقرها الرئيس.
ظاهرة السكن المشترك فرضتها الحاجة، وعلينا التعامل معها بواقعية، ووضع معايير معقولة وواضحة، بعيداً عن قرارات وتعاميم متغيرة، تتسبب في ثغرات يتم استغلالها بصورة مضرة للجميع.