الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أدب الريبة والتوجّس.. إثارة وغموض ورعب

أدب الريبة والتوجّس.. إثارة وغموض ورعب
7 نوفمبر 2018 00:07

إبراهيم الملا (الشارقة)

يحتلّ أدب الجريمة مساحة جاذبة في عالم الكتابة والنشر، وبات يتسيّد منصات العرض السينمائية والتلفزيونية، من خلال أفلام ومسلسلات يستند أغلبها على قصص واقعية، أو على تصورات مبنية على هذه القصص، وأخرى مستوحاة من تفاصيل مثيرة صاغها الكتاب والروائيون في مختبراتهم الذهنية وطقوسهم التخيّلية.
ونظراً لشيوع هذا النوع من الأدب وارتباطه بقائمة أكثر الكتب مبيعاً، واقتباس هذا الشكل الروائي في الأعمال الدرامية بشكل لافت وكبير، نظم معرض الشارقة الدولي للكتاب، ندوة بعنوان: «حروف غامضة..أدب الريبة والتوجس» احتضنتها قاعة ملتقى الأدب مساء أمس الأول بمركز إكسبو الشارقة، وشارك بها كل من الروائية الكندية: كيم هاو، والناقد والباحث السعودي الدكتور أحمد حسين العسيري، وقدم ضيفيّ الندوة الإعلامية والباحثة الدكتورة لمياء توفيق.
استهلت الروائية الكندية «هاو» مداخلتها بالإشارة إلى كتابها الصادر بعنوان: «وسيط الحرية» الذي اعتمدت في نسج خيوطه الروائية على قصص واقعية تتعلق بجرائم الاختطاف، حيث عاينت شخصياً عدداً من عمليات الخطف في بلدان مثل بورتوريكو وجنوب أفريقيا، وغيرها من البلدان الخطرة، على حدّ وصفها، والتي يمكن لشخص غافل من السياح أن يتحول في لحظة إلى ضحية لجريمة مرعبة مثل الاختطاف، ثم التفاوض على إطلاق سراحه مقابل فدية مالية عالية.
وقالت إن قارئ الروايات المتعلقة بعالم الجريمة لا يمكن له مهما بذل من جهد تخيّلي أن يشعر بذات الأحداث المروعة التي خبرها الشخص المخطوف من قبل عصابات منظمة وتعرف جيداً كيف تعمل، وكيف تجني الأموال الطائلة مقابل عمليات الابتزاز التي تمارسها بحرفية عالية.
وعرجّت الروائية الكندية على ذكر كتابها الثاني بعنوان: «الطائرة المخطوفة» وقالت إن عمليات الاختطاف الجوية غالبا ما تنتهي بكوارث، حيث يكون مجال التفاوض مع الخاطفين محدوداً، كما أن حساسية وضع المسافرين وتوتر الجناة يجعل الخروج من الأزمة صعباً جداً.
وأوردت قصة لأحد أصدقائها الذين تم اختطافهم في العراق والمعاناة التي عاشها حيث دفعتها هذه القصة إلى البحث عن حلول إنسانية لأزمة الرهائن حول العالم، وإن كتاباتها لمثل هذه الأعمال الأدبية المرتبطة بعالم الجريمة، هو وسيلة أيضاً للإضاءة على مأساتهم، وتذكير الآخرين الذين يتعرضون لهذه المواقف البشعة كي يأخذوا حذرهم واحتياطهم قبل سفرهم لمناطق التوتر في بلدان غير مستقرة، وفي دول تفتقر لنظم أمنية متقدمة، ويتفشى فيها الفساد الاقتصادي والسياسي والتفكك الاجتماعي.
بدوره، قال الدكتور أحمد العسيري إن هناك 3 بواعث أو ثيمات تجعل من أدب الجريمة مغرياً للقراء ولمشاهدي الأفلام المولعين بهذه النوعية من الأعمال، وهذه الثيمات هي: الإثارة والغموض والرعب.
وقال إن إغواء الإحساس بالخطر، حتى لو كان متخيلاً، يجعل من القصص والروايات والأفلام المثيرة هي الأكثر مبيعاً ومشاهدة، موضحاً أن كتب الخيال العلمي والأفلام المستقبلية لها نصيب أيضاً من هذا الاهتمام لأنها تنقل القارئ إلى مناخات جديدة يصبو لاكتشافها والتداخل معها، مضيفاً أن ولع الإنسان منذ القدم بالأساطير والقصص الخرافية والمرويات الدينية خلقت رصيداً ثرياً للمتخصصين في كتابة الأعمال المخترقة لحدود العالم الواقعي، وصولاً لمناطق مسكونة بالريبة والتوجس والفضول والرغبة في التماهي مع الخوارق والظواهر الغامضة، وكأننا نعيش في عالم من الكوابيس والأحلام القلقة.
وضرب العسيري أمثلة لكتاب كبار تعاطوا مع أدب الجريمة والأدب البوليسي والخيال العلمي، وهم: إدغار ألان بو، وجول فيرن، وأغاثا كريستي، وستيفن كينغ، وبرام ستوكر مؤلف رواية (دراكولا) وماري شيلي مبدعة شخصية فرانكشتاين وغيرهم.
وذكر العسيري أن البعض ينعت كتب الجريمة بالروايات السوداء، لأنها تتطرق لأوصاف شريرة وشيطانية يمارسها بعض البشر لأسباب تتعلق بالطبيعة الداخلية المعتمة للمجرمين، أو لظروف مريبة تعود لفترة الطفولة أو لأسباب نفسية واختلالات ذهنية وعقلية، تصنع في النهاية من خلال النصوص السردية للمؤلفين المتابعين لهذه القصص والحالات والحوادث عالماً مليئاً بالعتمة والعنف والقتل المتسلسل والممارسات الخارجة عن المألوف، وعن الفطرة الإنسانية السويّة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©