يبدو أن الصورة انقلبت رأساً على عقب، وبات الآخر الذي كنا ننفر منه يعيش حالة فوبيا نهارية جراء اعتقاده أن عقيدة واحدة في العالم هي التي تفرخ الإرهاب، وبطبيعة الحال نحن لا نبرئ بعض الفئات الإسلامية التي شوهت الصورة الرائعة لهذا الدين العظيم، بفعل تصرفاتها الغوغائية والعبثية، ولكن هذا التصرف الشاذ كان ينبغي لدول الاستنارة العالمية ألا تتخذه مشجباً لتعلق كل مشاكلها ورواسبها التاريخية عليه، فعندما يخرج مسؤولون من أوروبا وأميركا يحذرون من «الإرهاب الإسلامي»، فهؤلاء خلطوا الحابل بالنابل والأبيض بالأسود والمزيف والحقيقي، والشاذ بالسوي، نظراً لأغراض سياسية وعقائدية أيضاً وأخطاء ذريعة في الرؤية والاستراتيجية، ونستطيع أن نقول إن هذا الخوف هو خوف مرض لا علاقة له بالواقع، ويأتي في النتيجة الأولى من الإحساس بالفوقية تجاه الآخرين، وإعادة إنتاج لنظرية قديمة اسمها «المسمرية» هذه النظرية التي برزت على أنقاض العنصرية السياسية والأيديولوجية التي عانت منها أوروبا في عصور الاستعمار، ولو أعاد هؤلاء المغرضون القراءة للتاريخ الإسلامي والعرب بالذات لاقتنعوا أن الإرهاب الذي يخشونه هو نفس الإرهاب الذي حاربته الدولة الإسلامية منذ الفتوحات الإسلامية، لأن الدين شيء وتطبيقه شيء آخر. وفي أي عقيدة لابد وأن تنبت أشجار ناتئة لا يطيب لها العيش ضمن البيئة النفسية والفكرية لهذه الأشجار، ونرى ذلك في الدين المسيحي واليهودي والهندوسي والبوذي، وكل الأديان لأنه لا يمكن لأي عقيدة دينية أن تضع كل الناس تحت مظلتها، فهناك أمراض نفسية يصاب بها بعض الأفراد، تجعل في نفوسهم وسائل دفاعية ضد أي ضد، هذه الأمراض قد لا تفيد معها المضادات الحيوية لإنعاش مناعتها ضد المرض.. إذاً كل ما نتمناه أن يقترب الفكر الآخر من عقيدتنا ليعرف الحق ويكتشف الحقيقة ولكي يفيق من غيبوبة فوبيا العقائد.