هكذا مقدر للبلدان والشعوب المتحضرة، والأفراد الراقين والمتميزين بالنُبل والشرف أن يدفعوا ضريبة فعل الخير، ومساعدة الآخرين، ومد يد العون لهم وقت العوز والحاجة، ولو قدموا هذا الأمر من دم أبنائهم، ومن مقدرات أجيالهم، وحتى من برامجهم الوطنية التنموية، لأنهم يؤمنون بما يعملون، ويقدسون ما يقومون به، ولا يتوقفون، ولا يثنيهم جرم الآخرين، وجنونهم وجهلهم، ولا عويلهم وصراخهم، لأن انعدام الخير، والتوقف عن العطاء والإحسان والعمل الإنساني، كردة فعل على نكران جميل أو اعتداء أو تصرف مسيء من بعض الأفراد، لا يجب أن يتم، ونعاقب القيم والمثل الإنسانية، بدلاً من أن ندافع عنها حتى الرمق الأخير، تماماً كما لا يجب أن يؤخذ تصرف الغلاة والحاقدين وعميان الأبصار والقلوب كعقوبة جماعية، وإلا فرح الفاعلون، واستفاد الجلاد والقاتل والظالم من موت الأبرياء، لذا وجب التكتل من أجل إعلاء الحق، وفعل المعروف والخير، وإلا عد مثلبة في روح القيم والمُثل ذاتها التي يجب أن ندافع عنها أمام وجوه السوء، وضد مغالطاتهم، ومنعاً لتكريسهم العمل الشيطاني. لقد فقدت الإمارات وهي تؤدي واجبها بشرف، وصدق وأخوة، وتحضر في مناطق كثيرة من الدول الصديقة والشقيقة، والتي لا يربطنا معها رابط غير تلك العلاقة الإنسانية التي حفظتها الأديان، وتواصى بها الأنبياء، وهي محمودة في السماء والأرض، وستفقد جراء سعيها للصالح الإنساني، وبجود دون مِنّة، الكثير من فلذات أكبادها الذين لا يساويهم مال دفعناه اتقاء رفع ظلم عن الآخرين، ولا خدمات شتى كانت الأولى أن تسخر للوطن في الداخل، لكننا نمشي دائماً خلف نُبل ما تربينا عليه، وشرف ما نؤمن به، ولو ازدانت لوحة الكرامة كل يوم بشهيد. هكذا هي الإمارات وهي تنعى ببالغ الحزن والأسى نخبة من أبناء الوطن الأبرار: «محمد علي زينل البستكي، وعبدالله محمد عيسى عبيد الكعبي، وأحمد راشد سالم علي المزروعي، وأحمد عبدالرحمن أحمد كليب الطنيجي، وعبد الحميد سلطان عبدالله إبراهيم الحمادي» الذين اغتالتهم يد الغدر، وتفجيرات الجهل، وأعمال الإرهاب في أفغانستان، وهم يؤدون مهامهم الإنسانية، وأعمالهم الخيرية من أجل إسعاد الشعب الأفغاني، ومتابعة ما يتم إنجازه من مشاريع إنسانية وتعليمية وتنموية على وجه السرعة والدقة، لينهض شعب أفغانستان من عثرته، وحروبه العبثية، ويخرج من أزماته، ومعاناته التي امتدت سنوات طويلة، تأخر فيها الوطن والإنسان ومسيرة التحضر، ومواكبة الشعوب الأخرى.