شعر الشعب السوري، أمس، وللمرة الأولى منذ سنوات، بالإنصاف، وبأنه ما زال في العالم رحمة وضمير، وأن هناك من يستطيع أن يقول للمجرم «كفى»، لقد اتخذ الرئيس الأميركي ترامب قراراً نيابة عن العالم، ووجّه ضربة لنظام الأسد ولكل من يقف خلفه، بتوجيهه 59 صاروخاً من طراز «توماهوك» ضد أهداف محددة، وهذه الضربة ليست موجهة فقط للنظام السوري، ولا إيران في سوريا، وإنما هي رسالة مفادها بأن قواعد اللعبة قد تغيرت، وأننا دخلنا مرحلة جديدة عادت فيها الولايات المتحدة لتكون لاعباً أساسياً في المنطقة بعد أن حولها أوباما لسنوات إلى مجرد متفرج، وأحياناً إلى شاهد زور. يبدو أن النظام السوري بارتكاب الجريمة الكيماوية في خان شيخون، أراد أن يختبر «قرارات ترامب»، واعتقد أنه كسابقه المتردد - أوباما الذي لم يكن يعرف ماذا يريد - لكن نظام بشار صُدم وتلقى الجواب سريعاً جداً، وقبل أن يستفيق من نشوة الاختبار، وصله الرد بسرعة صاروخية. لا أحد يتمنى ضربة عسكرية ضد دولة عربية، ولا أحد يحب الحرب، ولا أحد يسعى لها، لكن النظام الكاذب هو من يريد الاستمرار فيها، فحتى يوم أمس، يحاول هذا النظام وأعوانه وحلفاؤه الكذب على العالم بأنهم لم يضربوا خان شيخون بالغازات السامة، في حين أن صور الأقمار الصناعية الأميركية ومصادر استخباراتية عسكرية، كلها تثبت أن الطائرات الحربية السورية انطلقت من قاعدة الشعيرات الجوية صباح الرابع من أبريل، وألقت غاز السارين السام على دفعتين، ما أدى إلى مقتل 83 مدنياً، 30 منهم من الأطفال، ورغم ذلك يصر النظام على الكذب، ويأتي من يدافع عنه! فعلها ترامب، وأعضاء «حزب المتفاجئين» أعلنوا أنهم فوجئوا مجدداً من خطوة ترامب! ولم يغضب من الضربات الصاروخية الترامبية غير محور الشر، وإيران لم تبقِ شيئاً من الأكاذيب إلا ورددته، محور الشر اليوم أمام حقيقة على أرض الواقع، ورسالة ترامب واضحة وضوح الشمس، والصواريخ التي انطلقت أمس هي مجرد رسالة تحذيرية لنظام بشار الأسد والإيرانيين وحلفائهم بأن العالم لن يصمت أكثر على تلك الجرائم، وأن الفيتو الروسي في مجلس الأمن لن يحميهم، ولن تكون له قيمة، ما دام هناك عالم حر يمتلك القرار، ولا يقبل الجرائم الشنعاء. صحيح أن الصواريخ التي ضربت مطار الشعيرات أميركية، لكن القرار بالضرب هو قرار عالمي، فأغلب مواقف دول العالم، ومنها الإمارات والعديد من الدول العربية والغربية المسؤولة، والتي توالت بعد نبأ الضربة، كانت مؤيدة لقرار ترامب، وتراه قراراً صحيحاً وشجاعاً، ولا بد منه بعد أن تجاوز النظام السوري كل الخطوط الحمراء، وقد تكون هذه الضربة بداية حقيقية في الحرب على الإرهاب.