الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية عرفت حقيقة «الإخوان» وبعض تلك الدول اتخذ إجراءات جريئة للحد من نشاطها، لكن بريطانيا لا تزال مترددة وتخضع لضغوط اللوبيات الداخلية والخارجية فهي تراقب الإخوان منذ زمن، ولكنها لا تستطيع، أو لا تريد، أو أنها فعلاً لا تراهم إرهابيين، وهذه مشكلة بريطانيا وحدها، وليست مشكلة أي أحد آخر، وهي التي ستتحمل نتائج ترددها.. فبريطانيا تصم أذنيها عن أي حديث من أصدقائها وحلفائها عن «الإخوان».. بعكس الإدارة الأميركية المنفتحة والتي يمكن الحديث معها في الملفات التي تهم الشرق الأوسط ودول الخليج العربي. الكل عرف حقيقة الإخوان وأهدافهم وخطرهم على الدول والمجتمعات والأفراد، وعلى الرغم من ذلك هناك في بريطانيا من يصرّ على الدفاع عنهم واستخدامهم في الداخل البريطاني والداخل العربي، واعتبارهم جماعة معتدلة، ويرى بعض المهتمين في بريطانيا، ومنهم الكاتب أوبورن، أن الإخوان «منظمة روحية، تحاول مساعدة الناس على تطبيق مبادئ وقيم الإسلام في حياتهم اليومية. ويمكن مقارنتها بالديمقراطيين المسيحيين في ألمانيا». وهذا خطأ فادح يقع فيه البعض بقصد، أو بجهل، فحتى الإخوان أنفسهم لا يقولون ذلك! فلمصلحة من يتم ترديد هذه المقولات الخاطئة؟ بلا شك أنها ليست لمصلحة بريطانيا. لندنستان، أكثر المصطلحات إثارة في تسعينات القرن الماضي، استخدمه الأميركيون والفرنسيون بسبب منح بريطانيا حق اللجوء لكل من ادعى أنه مضطهد في بلده بسبب معتقداته، وأغلب أولئك كانوا من الإسلامويين، كما أن المصطلح نفسه كان يستخدمه ويتغنى به الإسلامويون الذين يعيشون في لندن وفي بريطانيا بشكل عام، حيث كانوا يحلمون بأن يحوّلوا لندن إلى مدينة إسلامية! فعلى الرغم من أنهم يعيشون في بريطانيا ويتلقون المعونات من دافعي الضرائب، يصرّون على كره هذا المجتمع ونعته بالكفر! إن احتضان بريطانيا الجماعات الإرهابية والمتطرفين - أو من تحب تسميتهم بالإسلام السياسي - بكل أشكالهم وألوانهم وأنواعهم وعلى رأسهم «الإخوان»، وعلى مدى السنوات الماضية يشكل خطراً على بريطانيا وعلى الثقافة الغربية وعلى العالم بشكل عام. واليوم تدفع بريطانيا ثمن احتوائها تلك المجموعات التي ترفض الآخر، والتي تحمل في خطابها فكراً مليئاً بالكراهية والتطرف والعنف ضد كل ما هو غربي. لا أريد الخوض في صفحات التاريخ القديمة للبحث عن تاريخ تأسيس «الإخوان» وعلاقتهم بالمخابرات البريطانية، ولا عن غيرها من الحقائق أو الأقاويل، فنحن اليوم أمام واقع جديد وأمام إرهاب منظم وأمام جماعات إرهابية كثيرة ومتنوعة تظهر بأسماء وأشكال وأوقات مختلفة، ولكنها تسعى لهدف واحد وهو القتل والتدمير، وكذلك إقصاء الآخر وبسط سلطتها على أرض الواقع، وفي سبيل ذلك لا تستبعد تلك الجماعات خيار العنف، أو الخيار العسكري، فجميع الخيارات مفتوحة.