(كبار المواطنين) عبارة يبدو أنّها مثل وردة نبتت في بستان تؤمه فراشات بلون السماء المزخرفة بالنجوم. يقول رولان بارت الفيلسوف الفرنسي إن الملمات علامة على الفكرة، وعندما تكون الفكرة ناصعة مثل الموجة، تكون الكلمات بحراً من الدلالات المفعمة بالأحلام الزاهية، والطموحات المترامية التي لا تحدها حدود، والرؤية المخضبة بقدرات صاحبها الفائقة، والتطلعات الواسعة مثل المحيط.
هذه هي المثل العليا التي تحدث عنها الإغريقي الجميل أفلاطون، وهذه هي إرادة القوة التي باح بها الفيلسوف الألماني نيتشه، وهذه هي خصال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، فيلسوف الرؤى، المتدفقة، ومصفد قصيدة اللآلئ على نحر أرض أعشبت حلماً وطنياً نقياً متعافياً من كل أشكال الكسل، مرتقياً درجات العلا كما هي غزلان البرية في جذلها، وجدلها الأبدي، كما هي السمات الأصيلة في شجون الناس النبلاء، كما هي الصفات النبيلة في حنايا الرجال النجباء، وكما هي الروح المنبثقة من وجود الأوفياء الذين يضعون الإنسان في محور الكون، وكما ذكر لنا مارتن هايدجر أن الإنسان هو راعي الكون، يسعى محمد بن راشد إلى ترسيخ فلسفة الحياة في مهج الكائن البشري، ليسّرد للخليقة أن هنا وطن يؤثث منازل الحياة بقيّم الأصفياء، ويرتب أثاث الوجدان الإنساني بأنامل من ذهب، وبعقل لا يقبل إلا المركز الأول، والاستثنائية في الذهاب إلى المستقبل، والفرادة في امتحان الحياة.
الإنسان في الوطن يسكن قريحة الباذلين بفيض، والحادبين من دون توان، أو تردد، إنهم قادة آمنوا بالحب معنى ومضموناً واعتنقوا التسامح نهجاً، وطريقاً، ومن الإيمان بالتضامن غاية، وهدفاً، ومن الصدق برهاناً وحقيقة، ولا مجال للتوقف، طالما العقل مضاء بمعطيات لا تطفئ أنوارها، وأدلة لا تخبئ منجزاتها، وهكذا يمضي سموه نحو الأفق، ببهاء الفكرة، وصفاء المشاعر الناهضة بقوة الانسجام مع الآخر، الذي هو سقف خيمة الوطن، وشراع السفينة، وسارية العلم. هكذا يفكر سموه وهو يتأمل برج خليفة، وكيف سمق، وكيف تدفق في الفضاء من معطى الحث، والبث، والنث، ومنهل التاريخ العريق لبلد لا يكف مسعاه، ولا يجف حبره، وهو يمضي في كتابة التاريخ من ماء الأفئدة.