الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فرنسا.. ماذا لو فازت «لوبن»؟

30 مارس 2017 01:01
على مدار أشهر، بدا من المنطقي في أوروبا أن مرشحة اليمين المتطرف للرئاسة الفرنسية «مارين لوبن» لا يمكنها الفوز في جولتي الانتخابات المزمع عقدهما في أبريل ومايو المقبلين. ولكن مثلما شاهدت في باريس الأسبوع الماضي، وفي منتدى «صندوق مارشال» الألماني الذي عُقد نهاية الأسبوع في بروكسل، بدأت هذه التوقعات تتبدل. وقد عنونت مجلة «لونوفول أوبسرفاتور» الفرنسية غلافها قائلة: «إذا انتُخبت لوبن.. سيناريو أسود للمئة يوم الأولى». وحذر محللون في صحيفتي «لوموند» الفرنسية و«الجارديان» البريطانية من إمكانية انتصار «لوبن»، القومية الفرنسية المتعصبة، التي تناصب المهاجرين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والاتحاد الأوروبي العداء. وإذا أصبحت «لوبن»، المعجبة بالرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، ويبادلانها هما الإعجاب أيضاً، هي الرئيسة الفرنسية، فستحدث زلزالاً سياسياً واسعاً في أوروبا كلها. وسيكون لنسختها من الشعبوية الانتقامية تأثير سام على المؤسسات الديمقراطية الفرنسية. ويبدو أنها تميل إلى تدمير المؤسسات الأوروبية التي حافظت على السلام في القارة منذ الحرب العالمية الثانية. وفي الحقيقة، ما زال من الممكن أن تخسر «لوبن» في الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى على مرحلتين في 23 أبريل و7 مايو. وفي الجولة الأولى، تشير استطلاعات الرأي إلى أنها ستكون على قدم المساواة مع المرشح الوسطي «إيمانويل ماكرون»، الذي منحته الاستطلاعات 27 في المئة مقابل 26 في المئة لها، في ميدان منافسة فيه 11 مرشحاً، وسيخوض المرشحان المتصدران جولة الإعادة. ولكن قرابة نصف الناخبين الفرنسيين لم يحسموا أمرهم بعد بشأن المرشح الذي سيصوتون له في النهاية. وقد مهدت الطريق أمام «لوبن» مجموعة من العوامل التي جعلت فوزها ممكناً. ومثل ترامب، فقد بنت رهانها على قاعدة شعبية تشعر بأنها غير مرتبطة بالتأثير الثقافي والاقتصادي للعولمة. وقد أصبح المهاجرون المسلمون، الذين يعتبرون عاملاً مهماً في الحياة الفرنسية أكثر منه في الولايات المتحدة، كبش فداء يُلقى باللوم عليه في كافة العلل، إلى جانب الاتحاد الأوروبي. ومثل ترامب، تتميز «لوبن» أيضاً بقدرتها على تأجيج مشاعر الخوف لدى الجماهير من وقوع مزيد من الهجمات الإرهابية. وفي الوقت الراهن، دفع الاستياء الشعبي لدى الأحزاب السياسية اليسارية واليمينية بالسياسي الشاب «إيمانويل ماكرون» وحزبه الجديد «إلى الأمام» إلى الواجهة. ومن المفترض أن يواجه «لوبن» في جولة الإعادة المقررة في السابع من مايو، ولكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان ذلك الاشتراكي السابق والوسطي المؤيد لأوروبا يمكنه حشد عدد كافٍ من الناخبين في الجولة النهائية. وعندما تابعت «ماكرون» و«لوبن» وثلاثة آخرين وجهاً لوجه في أول مناظرة تلفزيونية بين المرشحين، تذكرت مقولة شهيرة لـ«دبليو بي ييتس»، عندما كان العالم على حافة الانهيار في عام 1920: «الأفضل يفتقر إلى الإقناع، والأسوأ مفعم بالحماسة المثيرة للعاطفة». وقد بدا «ماكرون» صاحب الوجه الهادئ، ضعيفاً وغير حاسم في مواجهة هجمات «لوبن» الحادة، وبدا مشتّتاً في أرجاء الخريطة السياسية. وأما هي، فكانت حاسمة في إيصال رسالتها: «إن الفرنسيين يحتاجون إلى استعادة بلدهم من المسلمين والمؤسسات الدولية»، وهذه هي «الترنيمة الشعبوية التي تبدو مألوفة للجميع في أرض ترامب»! بيد أن شعبوية «لوبن» الآثمة كشفت عن وجهها عندما أعلنت قائلة: «أود أن أصبح رئيسة لجمهورية فرنسا الحقيقية». وبعبارة أخرى: هؤلاء الذين يؤيدونها فقط هم الفرنسيون الحقيقيون، وأما البقية فهم.. «أعداء الشعب». (ومرة أخرى سمعنا تلك العبارة من قبل في الولايات المتحدة). وإذا ما تم انتخابها، فستتغير فرنسا بشكل كبير، وقد يفضي ذلك إلى حرب أهلية، حسبما يرى «سيمون رودان بينزاكين»، مدير اللجنة اليهودية الأميركية في باريس. ولن يقلب انتصار «لوبن» الوضع في فرنسا وحدها رأساً على عقب، ولكن سيكون له تأثير مخيف على أوروبا بأسرها، في حال حدوثه. * محللة سياسية أميركية يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©