كانت الأمور واضحة جلية، لم نكن بحاجة إلى رؤية منجم، أو دجل مشعوذ ولا مشورة خبير، ولو كنت سألت أصغر مشجع في الشارع الرياضي لقال لك: «الحل في التغيير»، وعندما تتفوق نظرة المشجع، على رؤية المسؤول، لا تعرف ماذا تقول، سوى أحسن الله عزاءنا فيما آلت إليه الأمور، خسرنا من اليابان ومن ثم أستراليا، فاستجمع مدربنا شجاعته أخيراً، وتقدم باستقالته ولكن بعد خراب مالطا. أمس استقال مهدي علي، وكانت المصلحة العامة الشعار كما تعودنا، لا جديد دعونا نمارس النرجسية، ولا نتحلى بروح المسؤولية، وعندما نغرق نتقدم باستقالتنا، هكذا ببساطة وبمنتهى السهولة، مسكينة هذه المصلحة العامة، هذا المصطلح النبيل، لا يتذكرونه إلا بعد خراب مالطا، والسؤال: لماذا لم تكن المصلحة العامة موجودة عندما كان ذلك المشجع الصغير، ينادي ويطالب بالتغيير، كلها كلمات جوفاء يريدون من خلالها امتصاص الغضب، واستدرار تعاطف الناس التي كانت تحلم، واستيقظت على واقع مرير، ولما طارت الطيور بأرزاقها حدث التغيير. أمس لم يسع اتحاد الكرة لإثناء مهدي علي عن استقالته، أخيراً فهموا واقتنعوا أن التغيير هو الحل الأخير، لم تكن لديهم رؤية مستقبلية لما كان متوقعاً أن يحدث، في الحقيقة لم تكن لديهم رؤية أصلاً، وأشك أن تكون لديهم واحدة مستقبلاً، أمس علم اتحاد الكرة أن التغيير هو «خير لابد منه»، لم يتابعوا منتخبنا بعد كأس آسيا قبل عامين، رغم أن الخلل كان ظاهراً، والهبوط المبرمج منذ بداية التصفيات التمهيدية لم يتوقف حتى يومنا هذا، الجميع لاحظ وتكلم، أما المسؤولون في اتحاد الكرة فقد كانوا آخر من يعلم. بدأت الخطوات التصحيحية، ولكن بعد أن أوشك الحلم على الضياع، وبعد أن باتت حظوظنا الضئيلة المتبقية مرتبطة بهدايا الآخرين وبتنا بحاجة إلى معجزة، كان في الإمكان أفضل كثيراً مما كان، ولكن الاتحاد والمدرب واللاعبين كان لهم رأي آخر، قتلوا فينا الأمل الذي رعيناه منذ سنوات، واليوم لا نعلم كم سننتظر، وكم مقدر لنا أن نصبر، وهل يصلح العطار القادم ما أفسده الدهر؟! ولا نعرف من نلوم، هل نلوم المدرب الذي استقال بعد فوات الأوان، أم نلوم اتحاد الكرة والمسؤولين، أو الذين وصفوا فوزنا على اليابان في البداية بالرد على المشككين؟! واليوم مطلوب أن نتفاءل بالخير، فقد حدث التغيير، ولكن بعد ماذا؟ « تو الناس» فقد بعدت روسيا وخربت مالطا.