في فيلم الجميلة والوحش، الذي يُعرض حالياً في السينما، ظل الوحش جميلاً جذاباً بالنسبة لي حتى تحول لشاب جميل تعشقه النساء، حينها بدا في عيني مجرد رجل عادي لا يثير الانتباه. وهذا جعلني أتساءل عن مفهوم الجمال وماذا يعني أن تكون جميلاً؟ حين كان وحشاً ممسوخاً كان مجروحاً في روحه، لأن حياته توشك أن تذهب تحت تأثير قوى لا قبل له بها، لا يملك أمامها شيئاً، تتنازعه الرغبة في الحياة والحزن على رحيلها، يحمل في حركة جسده عنفوان فارس أسقطه سوء الحظ.. كان حزيناً وغاضباً ويتعالى على الجرح ويشعر أنه أقل من أن تعشقه بنت جميلة، كانت تعتمل في روحه مشاعر قوية متناقضة، كانت روحه تحاول تعويض بشاعة جسده فتتجمل لأقصى حد ممكن، فكان روحاً طغى جمالها على قبح الجسد، وفي هذا كان جماله. «إيما واتسون» بدور الجميلة، لم تكن فعلاً بذلك الجمال الشكلي، لكنها كانت فتاة تقرأ. هذه كانت نقطة محورية ركز عليها سيناريو الفيلم في تقديمه «الجميلة» للمشاهد، كانت فتاة تقرأ طوال الوقت، تقرأ وهي تقوم بأعمال المنزل، وهي تجلب الماء، وهي تسير، لذلك كانت مختلفة، لا أصدقاء لها سوى الكتب، لم يحبها الكثيرون لأنها كانت لا تتشارك معهم جلسات النميمة ومضيعة الوقت، ظلت وحيدة تقرأ، لذلك كانت جميلة. لا علاقة للأمر بشكل الوجه والجسد. حين افتدت أبيها بنفسها من سجن الوحش، أدخلها الوحش إلى مكتبة قصره العملاقة.. بهرتها الكتب المصفوفة في رفوف ضخمة.. ظهر الانبهار على ملامح وجهها العادي فأنارها، ودمعت عيناها من شدة الحب للكتب.. كانت تكره الوحش والقصر وتبحث عن وسائل للهرب ولكن ما إن دخلت المكتبة كانت كمن عاد إلى الوطن، وحين رأى الوحش تأثرها ذلك وقع في الحب. وبالحب تحلو الأرواح وتصير إنسانية شفافة ولو كانت لوحوش. هذا فيلم يريد أن يقول إن الجمال هو في الروح والعقل، إن الروح الطيبة تظل جميلة ولو تلبست جسداً مشعراً بأنياب وحوافر وقرون، وإن علينا ألا نحكم على الأشخاص من أشكالهم الخارجية، وأن عقلاً يقرأ لا يخاف الغابات المظلمة ولا ترهبه الوحوش ولا النميمة الفارغة، وإن علينا ألا نكره إنساناً فقط لأنه مختلف. هكذا قرأت الفيلم، ولم أجد فيه أي من القراءات التي قالت إنه يروج للشذوذ وتجب مقاطعته، ربما هي أيضاً قراءة صحيحة، لكن إن قطفت الوردة بحثاً فقط عن شوكها فحتماً ستجد الشوكة وقد تطعنك، وستظل تلعن الشوكة دون أن تنتبه لحظة لجمال الوردة.