السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تلوث الفحم يفتك بـ 5 مدن في البلقان

تلوث الفحم يفتك بـ 5 مدن في البلقان
27 مارس 2017 22:41
توزلا (أ ف ب) تعاني قرية ديفكوفيتشي البوسنية الواقعة بين مكب للنفايات ومحطة لإنتاج الطاقة على الفحم في توزلا، تلوثاً كبيراً في الهواء هو من الأخطر في أوروبا، ما أدى إلى إفراغها من سكانها. ويقول غوران ستوياك، البالغ من العمر 43 عاماً، وهو عاطل عن العمل «في غضون سنوات قليلة، سيصبح الوضع لدينا أشبه بتشرنوبيل، منازل مقفرة». وتعتبر توزلا، وهي مدينة صناعية في شمال شرق البوسنة، إحدى المدن الخمس في البلقان المصنفة من بين أسوأ عشر مدن في أوروبا لناحية مستوى الجزيئات الدقيقة في أجوائها، وفق تصنيف لمنظمة الصحة العالمية. ومن بين هذه المدن أيضا بليفليا في مونتينيغرو وسكوبيي وتيتيفو وبيتولا في مقدونيا. وتتشارك هذه المدن باعتمادها على الفحم أو الليغنيت «الفحم البني» المستخدم أيضاً في تدفئة المساكن. ويرزح سكان توزلا البالغ عددهم 110 آلاف نسمة تحت وطأة الهواء الملوث الذي يلبّد أجواء المدينة لدرجة أنهم يكادون يختنقون خلال الشتاء. وفي ديفكوفيتشي التي تتصاعد منها المداخن الحمراء والبيضاء في المحطة، الغلاف الجوي يكون ملبداً بالجزيئات الدقيقة وأيضاً بثاني أكسيد الكبريت. ويشير غوران ستوياك إلى أن «من تبقى من سكان ديكوفيتشي البالغ عددهم خمسمئة نسمة أصلاً، لا يتعدون الثلاثين. ولا يتوانى من يستطيع المغادرة عن القيام بذلك. كما أن السرطان يفتك بأهالي القرية الصغيرة». ويقول هذا الرجل الذي يمثل القرية أمام السلطات، إن أمد الحياة المتوقع للسكان لم يعد يتخطى 40 عاماً. ويصعّب التلوث الحياة اليومية لسكان سكوبيي بدرجة كبيرة. وفي هذا الإطار، يشير أكو ايفانوف، أحد سكان نوفو ليسيتسي المصنف أكثر أحياء العاصمة المقدونية تلوثاً، إلى أن «فصل الشتاء بمثابة جحيم بالنسبة لي». ويضيف هذا الرجل المصاب بالربو «هذا الشتاء، لم أخرج من المنزل على مدى شهر كامل. الهواء ثقيل وخانق خصوصا خلال الليل». وتضم صربيا والبوسنة ومونتينغرو ومقدونيا وكوسوفو لوحدها خمساً من المحطات الحرارية البالغ عددها خمس عشرة محطة والتي تعتمد عليها بدرجة كبيرة هذه البلدان الواقعة في غرب البلقان. وأظهرت دراسة نشرها الاتحاد من أجل الصحة والبيئة في مارس 2016 أن هذه البنى التحتية المتداعية الموروثة من يوغوسلافيا الشيوعية مسؤولة عن فاتورة طبية تراوح قيمتها بين 2.9 مليار يورو و8.5 مليار بما يلحق الضرر بسكان المنطقة خصوصا وأيضا بسكان بلدان أوروبية أخرى؛ لأن المواد المسببة للتلوث تنتقل بين المناطق بدفع من حركة الرياح. ويقول زفيزدان كارادجين، وهو أستاذ في الأمن البيئي في توزلا، إن «وحدات الإنتاج في المحطة في توزلا هي من الأقدم في أوروبا. الانبعاثات لبعض المواد المسببة للتلوث من بينها ثاني أكسيد الكبريت قد تصل إلى مستويات أعلى بثلاثين مرة من المعايير الأوروبية». ولم ترد شركة «الكتروبريفردا بي أي اتش» العامة المديرة لمحطة توزلا على أسئلة وكالة فرانس برس. ويضيف كارادجين «مشكلتنا المزمنة الثانية هي المساكن» التي تتم تدفئتها بالفحم «وهو السبب الأول للوفيات خلال الشتاء». ويوظف قطاع المناجم وإنتاج الكهرباء نحو 23 ألف شخص في البوسنة. هذا البلد وهو من بين الأفقر في أوروبا أنتج سنة 2015 حوالى 14 ألفاً و400 غيغاواط في الساعة من الكهرباء بينها 60 % من قبل المحطات الحرارية، وهو من البلدان القليلة المصدّرة للكهرباء في المنطقة. هذه الصادرات درّت 165 مليون يورو في سنة 2016 ما يوازي 20% من ميزانية الدولة الفدرالية البوسنية. ولهذا الوضع كلفة بشرية. فقد لفت رئيس مستشفى توزلا للأمراض الرئوية سوفاد ديديتش إلى ارتفاع بنسبة 33% خلال عامين لعدد الإصابات الجديدة بسرطان الرئة التي انتقلت من 216 في 2014 إلى 287 في 2016. كما أن عدد الإصابات الجديدة بالالتهاب الرئوي ازداد بنسبة 18% بين 2015 و2016 وفق الطبيب. كذلك يُسجل ازدياد كبير في أعداد الوفيات خلال الشتاء في توزلا، وهو وضع «مقلق» وفق جميلة اجيتش، من منظمة «مركز البيئة والطاقة»غير الحكومية المحلية. وتوضح اجيتش «قارننا عدد الوفيات في يناير بين 2015 و2017، وهو سجل ازديادا بنسبة 30% في يناير 2017 مقارنة مع ما هو عليه الوضع في الشهر عينه من 2016 و50% مقارنة مع 2015». وتشير إلى أن استثمار ما يقرب من 100 مليون يورو في آليات إزالة الكبريت من شأنه تقليص انبعاثات الغازات السامة في المحطة بنسبة 90%. غير أن أجيتش تؤكد أن المسؤولين عن المحطة «يعتبرون أن هذا المبلغ كبير جداً، ولا يأخذون في الاعتبار الأضرار الصحية». وأقرت الحكومة البوسنية مع ذلك في نهاية 2015 خطة تلحظ تقليصاً كبيراً للانبعاثات الصادرة عن المحطات. وتهدف الخطة إلى الانتقال من مستوى حوالى 273 ألف طن سنوياً إلى ما يقرب من 50 ألفا في 2018 و23 ألفاً في 2028، أي تقليص هذه الانبعاثات بنسبة تفوق 80% في خلال ثلاث سنوات وبأكثر من 90% بحلول 2028. وتنص هذه الخطة الطموحة على إقفال وحدات إنتاج وإقامة آليات تنقية للهواء وإنشاء بنى تحتية معاصرة، غير أن العبرة تبقى في التنفيذ.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©