يبدو أن الأحلام لا صدى لها على أرض الواقع، وما يعتريك من رؤى وخيالات، قبل النوم أو أثناءه، هو بعيد عن الحقيقة، بمقدار يتحدد، بمدى ما تملكه من آليات لتحقيق هذا الحلم، كما يبدو أن الكلام الوردي المخملي، وتصدير المشاعر، ليس بالأمر المباح ولا المحبذ، وقد يكون عبئاً على من تصدرها إليه.. قد يكون عبئاً على لاعبي المنتخب أن تسر إليهم أن كل الإمارات لم تنم لأجلهم، أو أن تخبرهم عن أمنية صغير أسرّ إلى أمه أن «الأبيض» فارس أحلامه، أو أن تخبرهم هذا الكلام الكبير عن طول الانتظار على قارعة الأمنيات منذ أكثر من ربع قرن، ومطلوب منهم، أن يأخذوا بيديك إلى حيث تريد. أحسب أن ذلك لم يعد مجدياً كثيراً في قاموس أيامنا السريعة، المحترقة و«المحترفة»، حيث كل شيء بثمن..حيث ما تؤكد أنه من حقك، هو حق لكل العالم حولك، وحق لمنافسيك، ففي أستراليا الليلة هناك أيضاً طفل يسرّ إلى أمه أو أبيه، أن «الكنجارو» فارس أحلامه. الأجدى من وجهة نظري، أن نطرح كل تلك الخيالات جانباً، وأن نتحدث بالعقل، وأن يدرك اللاعبون، ومعهم المدرب أنهم أكثر المستفيدين من التأهل إنْ حدث.. لنا الفرحة والهتاف والتصفيق وليالٍ نسهرها نتابع المباريات، ولهم التكريم والمجد والمكافآت. هم أحوج منا إلى أن يذهبوا إلى روسيا، ليسجلوا أسماءهم في كتب التاريخ، وليصبحوا أبطال أمة، ولم نسمع يوماً عن مشجع أو حتى ناقد أصبح بطلاً لأمة.. هم من سنحملهم على الأكتاف، وسيعودون من مباراتهم الأخيرة إنْ تأهلوا أو سنزفهم من هنا، ويشاهدهم أولادهم وأحبابهم وإخوانهم وأصدقاؤهم على الشاشات.. هم من سيحصدون كل شيء، وستنهال عليهم عروض الاحتراف من كل صوب وحدب، وسيصبح مدربهم فوق الجميع..سيسبق أولئك المارين من هنا. سيسبق ميتسو، وكاتانيتش، ومن جاء قبلهما.. سيصبح مهدي علي المدرب الذي قاد الأبيض صوب الطريق. اليوم، يواجه منتخبنا، نظيره الأسترالي، في مباراة لا مجال فيها لأن أحلم ولا أن أسرد خيالات أو أمنيات.. في يد لاعبينا تسكن الأحلام والأمنيات، وفي أقدامهم ورؤوسهم. عودتنا الكرة أن كل شيء ممكن، وهذا المنتخب ذاته، عودنا أيضاً أن كل شيء ممكن، لكن في تصفيات كأس العالم، يبدو أن الأمر يكون مختلفاً.. يكون أكثر من أمنية أو أغنية.. هو أمر، غالباً بلا قلب، وإلا ما تركنا كل تلك السنوات. اليوم، على اللاعبين أن يدافعوا عن أنفسهم أولاً.. عن تاريخهم.. عن سنواتهم المقبلة، وأن يثبتوا أنهم يستحقون أن يكونوا حلماً. كلمة أخيرة: في سوق الأماني.. معظم البضاعة راكدة