يعقد العرب قمتهم الثامنة والعشرين منذ إنشاء جامعتهم العربية، وسيجتمعون عند الملك الهاشمي عبدالله بن الحسين ملك الأردن، في وقت سيقول الجميع إنه صعب، وفي ظرف يوصف بالحساس! فهل ستخرج القمة بنتائج وقرارات عملية ومؤثرة؟ ليس كي ترضي طموح الشارع العربي، بل كي تساعد على الخروج من حالة التوهان العربي والخسائر العربية المتتالية التي لم تتوقف منذ ما يسمى بالربيع العربي وما قبله؟ الخلافات العربية كثيرة جداً، والمثير هو أنها بدل أن تقل وتتقلص وتبدأ بالاختفاء، فإنها تتزايد وتتشعب وتصبح أكثر تعقيداً، وهذا ما يجعلنا نتساءل: هل سيذهب القادة إلى البحر الميت حاملين خلافاتهم واختلافاتهم؟ نتمنى ألا يكون ذلك، وما يجعلنا نتفاءل قليلاً هو أن هذه القمة في الأردن في بلد النشامى، والملك عبدالله المهموم والمهتم بالوضع العربي، وفي الوقت نفسه تربطه علاقات متميزة مع القادة العرب، وبالتالي فإن التعويل على المملكة والملك في الخروج بنتائج مختلفة في هذه القمة يبدو مبرراً. ومن مفارقات هذه القمة أنها تعقد بعد يومين من الذكرى الثانية لانطلاق تحالف عاصفة الحزم لاستعادة الشرعية في اليمن، هذه التجربة التي أكدت أن العرب لديهم القدرة على اتخاذ القرارات الكبيرة، كما وتأتي والقادة مجتمعون وبانتظارهم الملف اليمني، والليبي، والسوري، وملف اللاجئين السوريين الذي يتحمل الأردن جزءاً غير يسير من أعبائه، والذي سيكون أحد الملفات المهمة في القمة. وفي الأردن يراهن البعض على تغير المشهد السعودي-المصري، فالعرب بحاجة إلى تحريك في الوضع القائم، والمرحلة تتطلب شكلاً آخر من العلاقة بين الشقيقتين الكبيرتين والأمل معقود في هذه القمة.. نريدها قمة إيجابية، نريد قبل أن يركب قادتنا العرب طائراتهم متجهين إلى الأردن أن يتركوا خلافاتهم في دولهم ويأتوا بروح جديدة ومحاولة جديدة، فلا أحد يخسر شيئاً إذا ما حاول أن يكون إيجابياً، وإذا ترك السلبيات والأخطاء والحسابات القديمة وراء ظهره، وبلا شك إن ذلك ليس بالأمر السهل، لكنه على قادة يحبون أوطانهم وشعوبهم وأمتهم هو «ممكن» وما دام ممكناً فلنحاول ولن نخسر شيئاً، فلم تكن التحديات واضحة أمامنا كما هي واضحة اليوم، ويبقى أن نتعامل معها بتجرد وروح عربية ما دمنا مجتمعين تحت سقف عربي واحد.. فالخلافات لن تنتهي، ولكن المصالح تضيع والفرص لا تتكرر والاستفادة من اجتماع الأردن مهم وممكن. قمة أحلام العرب أن تحقق القمة العربية حلم نجاحها وتغيّر من الواقع العربي.. خصوصاً إذا كانت أمامنا المعطيات التالية: إرهاب عالمي.. رئيس أميركي جديد.. أوروبا تتغير.. إسرائيل متحفزة.. وإيران عابثة ومتهورة، إنها معطيات كافية كي تتحمل القمة مسؤولياتها وتحول الحلم إلى واقع.