في ليلة خميس، حضر فيها من حضر وغاب عنها العريس، «ليلة خميس» حضرت فيها كل الألوان، وغاب فيها الأبيض، خسرنا من اليابان لأننا باختصار لم نكن في المباراة أصلاً، حضر لاعبونا بأجسادهم وأسمائهم، وغابوا بأذهانهم، لم يكونوا هناك في استاد هزاع بن زايد، حضرت الجماهير وحضر الحكام، كما حضر المنتخب الياباني، وغاب لاعبونا وغاب مدربهم، وفي ظاهرة محيرة للعقول، ولأن لكل شيء في هذا الكون أسباب، عندما تبالغ في إكرام ضيفك وتمعن في الغياب، يكون لابد من العقاب. الخسارة واردة في كرة القدم، وهي الوجه البغيض لممارسي وعشاق اللعبة، ولكن عندما تخسر لا تكن بهذا السوء، لا تكن مستسلماً، ولا تظهر لخصمك خنوعاً زائداً عن الحد، هكذا كان أبيضنا أمام أزرق اليابان، لم تكن لدى اللاعبين أو المدرب ردة فعل مناسبة، وكأنهم في خضم مباراة ودية يدخرون فيها إمكانياتهم وقدراتهم، ويختبرون صبر جماهيرهم، ويريدون تجربة مذاق الخسارة. هناك لحظات مصيرية في الحياة لا يجب أن تغفو فيها ولا مجال فيها للاسترخاء، فيها الحد الفاصل بين البقاء والفناء، ومباراة اليابان كانت إحدى تلك اللحظات، ولن أقول إنه من سوء حظنا، ولكن من خيبتنا أننا كنا نعلم بأهمية المباراة ونقاطها ومع ذلك غبنا، غفونا واسترخينا، واخترنا ألا نكون في يومنا، فما أسوأه من توقيت. اليوم لا يفيد البكاء على اللبن المسكوب، وهناك حيز من الوقت قد يتاح لنا فيما بعد للبكاء وممارسة أقسى أنواع جلد الذات، ولكنه وقت للتمسك بالفرص حتى لو كانت أنصاف أو أرباع فرص، والمهمة على الرغم من صعوبتها إلا أننا لابد أن نواصل الحلم حتى نهايته، والوقت لن يسعفنا لتحليل الموقف والبحث عن التدابير المناسبة لإصلاح الأخطاء، ولكنه وقت لرهان أخير على اللاعبين، هم الذين وضعونا في هذا المطب، وهم الوحيدون القادرون على انتشالنا من هذا الموقف الصعب. بعد غدٍ سيكون لنا موعد مع المنتخب الأسترالي على أرضه، وهي مباراة نكون فيها أو لا نكون، و90 دقيقة، لتظهر فيها الحقيقة، وفي مباراة قد تكون صعبة ولكنها ليست مستحيلة، وليس لدينا إلا أن نظل متمسكين بحظوظنا حتى الرمق الأخير، ليس لنا خيار وليس لدينا حل، فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل، وفي كرة القدم لا تسلم باليأس مهما زادت الصعوبات وعظمت التحديات، عندما تستسلم وتخضع وترفع الراية، فتلك هي النهاية.