هل نحن نفهم ما في قلب وعقل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، هل نعي الدوافع التي قادت سموه للتوجيه المباشر باستضافة دورة الألعاب الرياضية للأولمبياد الخاص، هل هي مجرد بطولة رياضية نستضيفها، ونتحمل تكلفتها كبقية الأحداث والمنافسات، هل هذا هو التفسير الوحيد لذلك، وهل حين حرص سموه على جدولة يومه الطويل بتواجد شخصي منه لمراسم توقيع الاستضافة، بحضور أعضاء اللجنة المنظمة العليا، ووفد الاتحاد الدولي، يمكن أن نعتبره أمراً عادياً يمر مرور الكرام، أم هي رسالة على اللبيب والفهيم أن يستوعبها؟ هي ليست استضافة عادية والفئة التي تمارس المنافسات ليست فئة هامشية بعيدة عن أعين القيادة، وثقافة المواطن صاحب الإعاقة، والذي عليه أن يمارس حياته بعيداً عنا علينا أن نغيرها، ونهج أن تكون هذه الفئة مثار عاطفتنا أو شفقتنا لا يعبر عن تحضر دولتنا وتقدمها، وهذا ما أراد «بوخالد» إيصاله لنا جميعاً، وزيارة وفد رفيع المستوى من الدولة للنمسا لتسلم شارة وراية الاستضافة ليست لمجرد البروتوكول، بل تعميق وترسيخ لما فكر به سموه. يظننا البعض في العالم الغربي أن الشرق الأوسط مجرد منطقة مرتبكة عاشت على الحروب والثورات والتغييرات السياسية والاختلافات العلنية، ويعتقد البعض الآخر أننا في منطقة ترسخ الطبقية والقمع بين أفرادها الذين ضاعت حقوق بعضهم، ولكن عليهم أن يحضروا إلى هنا ليشاهدوا كيف يزور الحاكم شعبه في بيوتهم، وكيف تحضر القيادة خيام العزاء أو مجالس الأفراح والمناسبات من دون تعقيدات، وكيف تمكن «زايد» من ترسيخ دولة المساواة والعدل والطبقة الواحدة، وكيف أكد كل أبنائه ذلك. على الغرب أن يشاهد وجه العرب الحقيقي الذي تقدمه الإمارات، وعلى جمعيات الحقوق أن ترى كيف تهتم القيادة بالمعاق ذهنياً وحركياً قبل الإنسان السوي، وعليهم أن ينظروا كيف تمكن مجتمعنا من دمج هذه الفئة داخل نسيج المجتمع من خلال زرع الثقة في قلوبهم بطرق علمية ممنهجة. استضافة حدث مثل الأولمبياد الخاص ما هي إلا رسالة من «محمد بن زايد» للعالم، بأن الإمارات بلد التسامح والرحمة والإغاثة والفزعة، وأن هذه الدولة بقعة منيرة في الشرق الأوسط والعالم، تمد يديها للعالم، وتمنح السعادة والبهجة لكل من يعيش على أرضها، هي رسالة من سموه حتى لأفراد شعبه، كي يتطوعوا ويشاركوا ويسهموا في إنجاح هذه الاستضافة. هي رسالة حب ومبادرة من نوع مختلف، هي فكرة رجل دولة يرى ما قد نغفل عنه، فهو مهموم بالجميع بالجندي والطالب والمعاق والطفل، لا يأمرنا ولا يجبرنا، بل يقدم ذلك وحده فهو قائد ملهم بالفطرة فبات اليوم كالقدوة، ولا يريد منا سوى أن نفهمه ونشعر بما يدور في قلبه وذهنه من هموم وأفكار وقيم. كلمة أخيرة لا يجب أن نفهمه فقط.. بل نبادله الحب بالفعل كما يحب كل شعبه فهو رجل بثقل وطن.