لو فكر العالم مرة واحدة فيما تفكر فيه الشجرة، لاكتفى بتعريف واحد لوجوده وهو أنه واحد. وما يجعل الثوب الواحد يتشقق، هو عبث من يلبسه، ومن لا يعتني إلا بالألوان، لا بجوهر الثوب. يقول الشاعر الهندي العظيم طاغور: قد تكون الديانات عديدة، لكن المبدأ والتحقق فيها هما نفسهما دائماً. هذه الرؤية الجوهرية في الأديان تقود إلى وحدة الوجود، ووحدة الموجود، مرتبطة بوحدة الواحد.
كل ما يحصل في العالم هو تفريق الموحد، وتمزيق الواحد، كل من يفعل ذلك هو الإنسان، المبادئ والقيم تنزل من السماء سامية، تدنسها أفكار الإنسان عن نفسه، فتحولها إلى طرائق قدد، ويصير الواحد المنزل ملكية خاصة تمت للإنسان، كما يعتقد هو وكما يتصوره، وبالتالي عندما نجد هذا السعار الطائفي الذي تشنه جهات ذات مصلحة، فلا يساورنا الاستغراب، ولا تداهمنا الدهشة، لأن الإنسان بأنانيته يقلب حقائق الأشياء إلى مزيفات، وشائهات مريبة وغريبة وعجيبة ورهيبة، بحيث لا نرى على الأرض سوى أنياب حادة، تنهش في جثمان الوجود الذي أخمدت حذوته عواصف هائجة، نفثتها أرواح من تخندقوا خلف جدران وهمية، أطلقوا عليها مدارس أفكار، جاءت من صميم الأفكار نفسها، وهذه أكاذيب حاكتها مخيلة الإنسان الأناني، ولو أخذنا مثالاً للكذب الإنساني، للمذابح التي تنتشر في العالم تحت أسماء مختلفة، أحياناً تنسب للدين، وأحياناً تلقى على كاهل العرق، وثم على عاتق اللون، كلها قذائف نارية مصدرها رأس الإنسان المشحون بالوهم، المغموس في وحل الصور الخيالية والإسقاطات السوداوية.
فإيران اليوم تفتك وتهتك، في مشارق الأرض ومغاربها، تحت شعار ديني موهوم، وتعمل على توتير العالم، وخرق القوانين الأخلاقية، وتشويه قيم الإنسان، لأجل تحقيق نوازع أنانية، لا تهم أحداً غير القابع في قم، والذي تصدر المشهد الإيراني كآلهة الأرض، الذي يفتي بما لا يحقق إلا نشوة الدم الذي يتعطش لها، وتتلظى روحه من أجلها.
في العراق وفي سوريا ولبنان واليمن، الأطفال يقبعون في شرانق الأسى، بسبب تدخلات إيرانية فاضحة، وبسبب دعم إيران لقوى الشر التي تتسق معها في المسعى الطائفي المرير.
ورغم ما يعانيه الشعب الإيراني من فقر ومرض وأمية، إلا أن إيران مستمرة في بذخها على الإرهاب، وكل ذلك من أجل إشباع نزعة الأنانية الطائفية.